تمر مدينة ذراع الميزان، ومع امتدادها العمراني، منذ أكثر من ثلاث سنوات، بأسوأ فترة في جانب تدهور الإطار المعيشي العام، وبصفة خاصة الوضع البيئي، على غرار تسربات المياه القذرة في كل مكان، انتشار القاذورات التي تحوّلت إلى جزء من ''جماليات'' المدينة، والطرق في أسوأ حالاتها بسبب الحفر وانتشار البرك فيها، والمواطن أعياه الوضع ؤلى درجة الضجر· فقدت مدينة ذراع الميزان خلال السنوات الأخيرة آخر ما تبقى فيها من معالم ''الحسن والتنظيم'' وغرقت في فوضى الأشياء إلى درجة باتت فيها أشبه ما تكون بالقرية المبعثرة التي تفتقر إلى أبسط مظاهر التهيئة، بسبب ما يعايشه ساكنوها الذين تضاعفت أعدادهم في وقت قياسي، من تدهور عام في الإطار البيئي، الذي زاد جراء كثرة الأوساخ، واستمرار تسرب المياه المستعملة في العديد من المواقع، في انتظار تخصيص مشاريع تنموية من شأنها أن تخرج هذه المدينة التاريخية من التهميش والإقصاء المفروضين عليها منذ الاستقلال وإلى يومنا هذا· فيما صنعت بعض أشغال الترقيع التي أتت على ما تبقى من طرقات المدينة التي تشهد تدهورا كبيرا، مشاهد تصور الزائر لهذه المدينة أنه يوجد في قرية معزولة، خصوصا مع تطاير الغبار وكثرة الأوحال، وغياب قنوات صرف مياه الأمطار وما تثيره من إزعاج لدى المواطنين· وما هو ملاحظ في هذه المدينة، هو أن أصل التدهور البيئي فيها راجع إلى ظاهرة صعود وتدفق المياه، منها المياه القذرة والماء الشروب نتيجة تعرّض قنوات نقل الماء الشروب وقنوات الصرف الصحي إلى تكسرات وتصدعات في عدة نقاط، ظلت تصنع دائما معاناة الناس، إضافة إلى ذلك تشكل البرك والمستنقعات المبعثرة وسط العمران صور محتشمة، وأصبحت تحاصر السكان وتهدد سلامتهم الصحية، ناهيك عن الأخطار الناجمة منها كون تعشش فيها الجراثيم والحشرات الخطيرة والمزعجة من كل الأصناف، فضلا عن كثرة الفئران بكل أنواعها، وزاد في ذلك إهمال المسؤولين المحليين بواجبهم والقيام بالحد الأدنى من المعالجة الكيميائية لتقليل الأضرار· وما يشد الانتباه أكثر في مدينة ذراع الميزان هو تفاقم ظاهرة زحف القمامات والأوساخ وسط النسيج العمراني بسبب عدم التكفل المناسب برفعها في وقتها، كما يحدث في مختلف مدن ولاية تيزي وزو، فضلا عن غياب أماكن خاصة بوضع القمامات، مما يجد المواطن نفسه أمام حتمية رمي الأوساخ بطريقة عشوائية· وفي هذا السياق، أجمع السكان في شهاداتهم أن البلدية لم تقدم لهذه المدينة أدنى الخدمات في مجال البيئة والتطهير، على اعتبار -حسبهم- أن ذلك يمثل الحد الأدنى مما هو مطلوب من خدمات البلدية· وحسب ما لمسناه خلال تواجدنا في مدينة ذراع الميزان، هو التردي الكبير للوضع البيئي فيها الذي بات يشعر المواطنين باليأس من المنتخبين المحليين الذين كشفوا في عجزهم عن التكفل بأدنى متطلبات السكان ''المنتخبين ببلدية ذراع الميزان أكدوا أنهم بعيدين كل البعد عن المسؤولية والتسيير، ولا يمتون بأية صلة للتنظيم ولا يملكون أية مبادرة مشرفة ولا حتى في الأداء والتصور لإعادة الاعتبار لمدينة ذراع الميزان التاريخية، ليجد المواطن نفسه يواجه سياسة الإهمال واللامسؤولية التي تعمق من معاناته ومآسيه اليومية''، حسب أحد المواطنين، حيث بات يظهر من خلال التدهور الشائع الذي بلغته المدينة أن المواطنين فقدوا كامل الثقة في المنتخبين المحليين· وفي هذا الصدد، يقول أحد السكان في الخمسين من عمره ''أين هي تلك الوعود التي قدمها لنا هؤلاء المنتخبين خلال الحملات الانتخابية السابقة؟ فلم يجسدوا ولا وعد واحد، بالعكس فقد أصبحت ظاهرة البحث عن المصالح شائعة ومعروفة، وهذا دفعنا لنفقد كامل الثقة فيهم كونهم خلفوا الوعود''· ومن جهة مقابلة، فإن الأوضاع البيئية المتردية التي تعيشها مدينة ذراع الميزان، لا تقتصر فقط على وسط المدينة، بل توسعت ومست كل أحيائها وشوارعها، وأزقتها وكل الأماكن التي أضحى فيها منظر انتشار الأكوام من القمامات والمزابل مشهدا يوميا يؤرق السكان، لأن هذه الظاهرة أعطت طابعا يميزه التعفن والفوضى إلى حد أن وصف العديد من المواطنين مدينة ذراع الميزان ب ''المفرغات العمومية''·