اتفقا للالتقاء صباحا للذهاب إلى برج الكيفان قصد شراء سيارة، الصديقين التقيا فعلا واتجها إلى المكان المحدد من قبل الصديق الأول الذي حوّل قصة شراء السيارة إلى جريمة انتهت بمجلس قضاء الجزائر ليبقى لغز اختفاء الشخص الثاني مطروحا إلى اليوم· وقف المتهم يسرد ما حدث، الكل يراقب ما سينطق به عندما سأله رئيس الغرفة هل تعرف شيئا عن مصير صديقك، فرد بالنفي، ومع إصرار القاضي قال إنهما غادرا صباحا الحي السكني لهما لشراء سيارة، ومن ثم لا يعرف شيئا عن صديقه، لكن القاضي لم يهضم الأمر، فسأله من جديد إذا تريد القول بأن صاحبك قد اختفى وأنه كلفك بالتصرف في السيارة، أهذا ما تريد قوله، يصمت المتهم، ألا تعرف بأن وثائق السيارة مزوّرة وأنك هنا المتهم الوحيد في القضية· الآن القضية تسير في الاتجاه الذي يخدم هيئة الدفاع التي استغلت هذه النقطة وركزت عليها أثناء المرافعة لتغيب في القضية كلية الاتهامات الموجهة إلى المتهم من قبل عائلة الضحية، مؤكدا أنه المسؤول الوحيد عن اختفاء ابنها، وأنه هو من قتله للاستحواذ على سيارة ابنها، وهو من أخفى الجثة· من كانوا بالقاعة تابعوا باهتمام مجريات القضية، واستمعوا إلى ما يشبه استغاثة صادرة عن أم فقدت فلذة كبدها، لنصل -وبين الأخذ والرد- إلى حالة من التشابك حين اختلطت عليه الأمور- من كان بالقاعة - فقد وجد نفسه أمام قضيتين إثنتين تزوير وجريمة قتل واختفاء لجثة المقتول· وأخذت القضية المطروحة على العدالة ترتسم ملامحها في نقطة تهمة التزوير واستعمال المزوّر فقط ليتحول التركيز إلى وثائق السيارة المزوّرة لإسقاط تهمة جريمة القتل عنه، وبقيت القضية على حالها وبقيت كذلك جثة المقتول غير موجودة· ونظرا لكون المتهم الرئيسي يملك سلاحا ناريا وله سوابق عدلية، جعل التحاليل تشير إلى أن المتهم الموقوف يكون قد استعمله للتخلص من صديقه، وهذا ما كرره الطرف المدني· ماذا يحدث هل نحن الآن أمام قضية تزوير لوثائق سيارة أم أن الأمر في الحقيقة يتعلق بمحاولة رفع اللُّبس عن جريمة قتل لم يتم تحديد مكان الجثة، ليبقى المتهم الموقوف مصرا على إبقاء لغز صديقه الغائب الذي لم يعد له أثرا رغم مرور أشهر عديدة، وكان الوحيد الذي رافقه يوم حدوث الجريمة، وهو من أخذ السيارة وقام بتزوير وثائقها· الكل ينتظر الحكم، أمامنا متهم بجريمة قتل، ضحية لم يتم تحديد مكانها، موقوف صاحب سوابق عدلية يحمل سلاحا ناريا··· أليست كل هذه المعطيات وحدها تقودنا إلى أنه القاتل، لكن لا يمكن إسناد الحكم على هذه المعلومات التي تعد بمثابة أوراق محامي الضحية، لأن للعدالة قولا آخر في النهاية، وبطبيعة الحال كان الحكم بالنسبة لعائلة الضحية الذي أقر بتسليط عقوبة عشر سنوات سجنا نافذا على المتهم الموقوف وإلصاق التهمة به·