جُرحان ·· : ** مضى على ولادة هذه الفكرة أكثر من 15 سنة حينما انبثَقَت لتكون عنوانا لديوان شعر يحتوي على القصائد والمقطوعات الغزلية والعاطفية والتراسلية والأخوية التي كَتَبْتُها في النساء، ومنها تلك التي تحمل عناوين وأسماء أنثوية ، ومنها ما ( تعودتُ ) أن أكتب الحرف الأول من أبياتها لتُشكّل في مجموعها العمودي·· اسم المرأة التي كتبت فيها ولها القصيدة ، وهذا ما تتم ممارسته في الغالب · انبثقت فكرة جمعها في ديوان يحمل اسم ( قوارير ) باعتبار أن هذا الاسم يحمل دلالات عدة ·· منها أنه بحسب زعمي شاعري ، ومنها أنه توظيفي لغرض الموضوع نفسه وإن كان مباشرا وقد يكون مُسْتَهْلكا ، ومنها أنه ذو كلمة واحدة طبقا للنهج الذي أسير عليه في استخدام كلمة واحدة لتكون عنوانا لمؤلفاتي ، وكتبي ·· لكن الفكرة رافقها التوجس ، والتردد منذ اللحظة الأولى بشكل كاد أن يئدها وتتبعثر بها ··تلك القصائد بين أوراق الدواوين ، وسأستعرض دواعي هذا التوجس ، والتردد بشيء من التفصيل ·· بعد قليل · وفي كل مرة أكتب فيها قارورة في قصيدة / أقصد قصيدة في قارورة ·· تنط الفكرة في عروقي كأنها دم فائر خرج من جرح وريد ·· لتنط في المقابل علة الخوف والتردد ·· فترسم جرحا آخر ·· فأبقى أنزف الألم من الجرحين ·· وكنت أعبر عن هذه الجروح بشكل جلي وكبير وتفصيلي كلما سنحت الفرصة للقاء أحد الكُتّاب والشعراء والمبدعين الكبار من كل الدول العربية ·· داخل وخارج المملكة · (عرفان ) يخطفه ، و (لميعة) تريد الأولى منه ، و (سلطان) يشبهه ببيض الصَّعُو ، و (حَمّادي ) يُهَنّئ بالخوف ، و (فارو ق) يكتبه ··! ** وأذكر أن أول مَنْ فَرَشْتُ له هذه الفكرة والأمنية كان الكاتب الصحفي الأستاذ (عرفان نظام الدين ) في عام 1993 م في الرياض في مهرجان الجنادرية ، ففرح بها وشجع على ذلك وقال : لو أنني شاعر ·· لخطفت هذا العنوان الشاعري الجميل منك وبادرت بإخراجه · وفي عام 2000 م التقيت الشاعرة العراقية الكبيرة( لميعة عباس عمارة )، وكانت تشاركنا جلسة مفتوحة في بهو الفندق تضم عددا من المثقفين والأدباء في مناسبة ثقافية بالكويت ، وكنت أطرح الموضوع مع أحد الأصدقاء ، فما كان من الأستاذة لميعة إلا أن قالت ،: عاهِدْني أن تكون النسخة الأولى من هذا الديوان ·· لي ، فوعدتها بذلك ·· وفي العام نفسه كنت في الجزائر في دورة أبي فراس الحمداني التي أقامتها مؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري فطرحت الفكرة على الإعلامي و الشاعر الجزائري الجميل (عز الدين ميهوبي )، فلامني على تأخير تنفيذها كل هذه السنوات ، وقال : إن الخوف والتردد اللذان يلازمانك في إخراج هذا الديوان ليس لهما أي محل أو داع أبداً ، فأنت شاعر ·· لا فارس حرب ··! وفي عام 2004 م التقيت عددا من الأدباء في احتفالية ابن زيدون بقرطبة بأسبانيا ، منهم الشاعر اللبناني الرقيق : (جورج شكور) ، فابتهج بذلك قائلا : لأنك سبقتني بالفكرة التي أشاركك في موضوعها ،·· وجب عليك أن لا تتأخر في إبراز الديوان · أما الأديب والناقد السعودي الصديق الدكتور سلطان القحطاني أستاذ الأدب والنقد بكلية الآداب بجامعة الملك سعود فلا يكفّ عن ملاحقتي ، وسؤالي عن الديوان في كل اتصال هاتفي معه ، حتى ضرب لي مثلا (حساويا ) طريفا·· يقال في مثل هذا الموقف ، قائلا :( ديوانك صار مثل بيض الصعو نسمع به ، ولا نشوفه ·· !) وفي عام 2005 م، كنت في الجزائر مرة أخرى في زيارة خاصة ، ففضفضت بذلك للصديق الجزائري البروفيسور الأديب والشاعر الكبير الدكتور (عبد الله حمادي) ، الحائز على جائزة البابطين لأفضل ديوان للعام 2002 م عن ديوانه ( البرزخ والسكين ) ، فقال لي : هنيئا للخوف الذي يسكنك ، ماذا تنتظر ؟! وفي العام نفسه جمعتني الظروف مع الشاعر المصري المعروف الأستاذ ( فاروق شوشة ) وطرحت عليه الفكرة وقرينها الخوف والتردد ، وبخاصة ما قد تثيره من حساسية عند البعض، وأنه لم يسبقني بحسب ظني أحد من الشعراء السعوديين بذلك ·· فرأيت أن الأستاذ فاروق شوشة ليس فقط يحثني على إصدار الديوان (بالعنوان ) نفسه الذي أعجب به كثيرا، بل يطلب ئأن أكتب قصة كل قصيدة( هذا إذا كانت القصيدة هي نتاج قصة ما ) ، لتكون أكثر وَقْعا وصدقا وجمالا وقُربا من القارئ ، ويسعدني أن أكتب مقدمة لهذا الديوان في حال العزم على إصداره ·· وعدت إلى المملكة والتردد والخوف يطغيان على العزم في ذلك ، وتمر الأيام وكلما عرضت الأمر على كاتب أو شاعر أو أديب أو باحث أو صحفي من الأحبة والأصدقاء في الأحساء ، والرياضوجدة وغيرها من مناطق المملكة·· لا أجد منه غير الحث على إصدار الكتاب ، واللوم على تأخيره ··