ربما أكثر ما أزعج اللاعبين والمدربين في هذا المونديال هو الفوفوزيلا، بسبب صوتهم المزعج، كما أقلقهم الحكام بسبب أخطائهم، رغم ذلك كنت مع الرأي الذي وقف إلى جانب هذه الصفارة العجيبة، فجنوب إفريقيا لا تصبح جنوب إفريقيا بدونها، كما أن الحكام ليسوا آلات أو روبوهات، بل هم بشر من لحم وعظم، يخطئون ويصيبون مثل غيرهم من الناس، وقد تألمت قبل أيام بسبب الانتقاد الكريه الذي وجهته الصحافة السويسرية للحكم السعودي جلال خليل، وقالت إنه ''رجل بدوي ويعيش في البداية، وربما يصلح لرعي الغنم والإبل، لكنه لا يصلح لإدارة مباراة في كرة القدم''، وصحافة سويسرا لم تكن وحدها، وانضمت إليها صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، وقالت هذه الصحيفة إن جلال خليل لا يعرف تكتيك اللعب ولا يفهم سيكولوجية اللاعبين''، والحقيقة أن هذا الحكم البارز ارتكب خطأ واحدا، مثل غيره من الحكام، عندما أخرج بطاقة حمراء مشكوك في صحتها ضد لاعب سويسري في مباراة الشيلي. وتذكرت أن زعيم ليبيا معمر القذافي كان على حق، فقد طلب من الله سبحانه وتعالى، أن لا تدخل سويسرا إلى الجنة بعدما صوتت ضد بناء المآذن، وقال إن الله سيدخلهم النار وبئس المصير، وربما هناك عقدة مستحكمة لدى السويسريين من البعير والجمال والبدو، وقد رد الحكم السعودي بأن بداوته شرف له، وأنه فخور لأنه بدوي يحب الإبل والصحراء· والقذافي أيضا يفتخر ببداوته ويفضل لباس البدو والعيش تحت خيمته المشهورة رغم أنها خيمة خمسة نجوم. ولا أدري لماذا عيّر الإعلام السويسري الحكم جلال بالبداوة، ولم يعيّر الحكام الآخرين بأصولهم، رغم أن أخطاءهم أكبر من أخطائه، بينهم الحكم الفرنسي ستيفان لايودي والحكم البلجيكي دي بيليكار، والحكم الأوروغواني لاريوندا والحكم الإسباني ألبرتو راديانو وحتى الحكم المالي كوليبالي ارتكب خطأ فادحا، لكن لم يتحدث أحد في وسائل الإعلام عن ''إفريقيته'' أو أصوله الاجتماعية.. معه حق الحكم جلال خليل، ومعه حق معمر القذافي، فما هو الضير في أن يكون الإنسان بدويا، بل العكس، ما تزال البداوة خصلة من خصال الحياة، وليست سبة أو شتيمة أو عيب من العيوب أو عورة من العورات نستحي منها أمام الناس، ولا أدري لماذا وجدت نفسي أتعاطف مع جلال خليل الغامدي وأقف معه ظالما أو مظلوما حسب القول المشهور للمرحوم بومدين، وربما هي البداوة الكامنة في داخلي، أو ربما هي شيء آخر لا أعرف حقيقته بعد..