أصبحت معضلة تعاطي المخدرات في الجزائر مشكلة صحة عمومية بامتياز بالنظر إلى الأرقام المريعة التي توافينا بها الهيئات الأمنية وتلك المعنية بصحة الشباب في الجزائر·20 طنا من المخدرات تم حجزها منذ بداية العام بالجزائر·· هذا الرقم لا يمثل إلا نسبة 10 بالمائة من حجم الاستهلاك الحقيقي في الجزائر· هذا التصريح جاء على لسان مدير عام الديوان الوطني لمكافحة المخدرات والإدمان عليها· ويعني أن حجم السوق الحقيقية لاستهلاك المخدرات في الجزائر يساوي 200 طن سنويا، وهي الكمية التي تساوي بلغة الأرقام دائما مئات الملايين من الدولارات· إن الحديث عن المال، أي ما تدره المخدرات على تجارها وباروناتها، يجرنا إلى الحديث عن الجارة المغرب التي تعد -حسب إحصائيات الأممالمتحدة- أول مصدر لهذه السموم، كما أن زراعة القنب تعد ثاني مورد للدخل لهذا البلد بعد التحويلات المغتربين· وعليه ندرك بشكل جلي مدى تغلغل الأموال القذرة التي تدرها المخدرات في اقتصاد هذا البلد· وجود بلد يحتل المرتبة الأولى في تصدير المخدرات، يعني أن البارونات الذين يعملون في هذا الحقل يفعلون كل ما بوسعهم لإيجاد زبائن جدد، ولا يهمّ سنهم أو جنسهم، المهمّ هو إيجاد مدمن جديد لتصريف بضاعتهم السامة· وربما الأمر قد لا يثير البعض بقدر ما يدفعهم إلى التعليق على تفشي المخدرات في أوساط الشباب وربطها بالمشاكل الاجتماعية ومسائل البطالة والفراغ·· صحيح أن مثل هذه المشاكل تعد من العوامل المشجعة، ولكن ليست جوهر المشكل· والمتابع لتطور استهلاك المخدرات في الجزائر، يلاحظ بشكل جلي مرور بارونات المخدرات من مرحلة التهريب والترويج إلى مرحلة توطين زراعة المخدرات في الجزائر· والأمر لا يتعلق بمخدرات تسمى المخدرات الخفيفة كالقنب بل تعداها إلى زراعة نبات الخشخاش الذي تستخرج منه إحدى أقوى المخدرات وهو الهيرويين·· وعيله فالأمر أصبح بالغ الخطورة···