أول ما شد انتباهنا عند لقائنا بالممثلة مليكة بلباي، تلك الشعبية الكبيرة التي تحظى بها وسط الجمهور في الشارع، حيث كان يستوقفنا المارة من أجل إلقاء التحية أوالتعبير عن مدى إعجابهم بالممثلة التي كانت تستقطع من وقتها وترد على الجميع، غير منزعجة من كثرة الأسئلة أو طلبات التقاط الصور مع معجبيها، لنتأكد أن النجومية في الجزائر يصنعها صدق أداء الفنان، هذا التفاني الذي يشعر به المتلقي فيبادله احتراما ومحبة وهو حال مليكة بلباي التي فتحت أبواب قلبها ل ''الجزائر نيوز''. في هذه الدردشة القصيرة، التي تحدثت فيها عن مسارها، طموحاتها وموقفها من المعاناة الصامتة التي تجعل من الفنان ضحية عشقه للفن· نبدأ من آخر أعمالك التلفزيونية والذي لاقى نجاحا كبيرا في شهر رمضان الماضي، كيف تقيمين تجربتك في مسلسل ''الذكرى الأخيرة''؟ صدقيني من الصعب جدا أن يتحدث الفنان عن نفسه أو عن تجربته الفنية، كما أنني من الممثلات اللاتي تقسو على أنفسهن بالإنتقادات كلما شاهدن تجاربهن تعرض على الشاشة، والسبب في ذلك يعود إلى رغبتي في تقديم الأفضل، في كل مرة أشاهد أدائي أنتقد نفسي وأرى أنني قادرة على تقديم الأحسن في كل مرة· فيما يخص مسلسل ''الذكرى الأخيرة'' إكتشفت فيه الكاتبة فاطمة وزان واقتربت منها لأكتشف عالمها، أدركت حينها أن السيدة وزان تدخل ضمن زمرة المبدعات القليلات في الجزائر، كما اتضح لي من خلال عملها أيضا أنها تتميز بالذكاء الممزوج بلمسات الإبداع، وأعتقد أن ذلك من الأشياء المهمة لنجاح أي عمل تلفزيوني متكامل، وبما أنني ممثلة تعشق عملها الفني إلى جانب كوني مشاهدة، فإنني أتدخل أحيانا في أمور الإخراج والإضاءة والصوت، كما أتدخل في كل التفاصيل الدقيقة، وكثيرا ما أتدخل بمقارنة غير محدودة بين عملي والأعمال الأخرى، كل ذلك من أجل تقديم أفضل عمل ممكن· نعود بك إلى البدايات، إلى حين جسدت دور ''حليمة'' في مسلسل ''صابرة'' مع باهية راشدي ومحمد عجايمي؛ هل هيأ لك هذا المسلسل الأرضية لدخول عالم النجومية؟ قبل مسلسل ''صابرة'' جسدت دور بطولي آخر في مسلسل ''اللاعب'' وقد اشتركت في العمل رفقة نخبة من الوجوه الفنية المعروفة على الساحة الفنية الجزائرية، من بينها الممثل القدير محمد عجايمي، وأثناء التمثيل أعجب بقدراتي الإبداعية، كما اكتشف موهبتي وذلك ما أهلني لأن أشارك في الكاستينع، فقد حقق المسلسل نجاحا كبيرا آنذاك وقد تقمصت الدور بسهولة وفهمت الشخصية جيدا، وفيما يخص النجومية أعتقد أنه لا يزال الطريق طويلا أمامي، ثم إنني مؤمنة جدا بأني لا زلت في طور التعلم وأنني فقط قطرة ماء في بحر· بلباي رغم تجربتك الفتية غير أنك أثبتي حضورك في أكثر من مرة وتحصلت على عدة جوائز، ما السر وراء ذلك؟ أعتقد أن العمل الجيد مهما كان الإختصاص يفرض نفسه على الجميع، كما أنه في الوقت نفسه يجعل الجميع وبطريقة تلقائية أن يخصه بالاحترام والتقدير، وأنا أعتبر الجمهور الحكم الأول على أعمالي، وبالنظر لاستحسانه لأدائي فإن ذلك يشجعني على تقديم الأفضل، وكما سبق أن قلت فإن غزارة الإنتاج يساعد الممثلين على التميز، وبالتالي تحقيق الكثير من النجاح، وبما أنه كانت لي أكثر من فرصة لخوض تجربة التمثيل أعتقد أن ذلك هو سر حضوري فنيا، كما أنني لا أحتقر أي عمل يعرض علي، ثم إنني أسعى لتقديم أدواري بكثير من الصدق· راج في الفترة الأخيرة حديث حول رفضك عرض حلقة ''الكاميرا المخفية'' لكونك عشت لحظات رعب حرجة، ما تعليقك على ذلك؟ هذا غير صحيح، وما تداول من أحاديث مجرد إشاعة، فأنا لم أتعرض لعملية اختطاف كما ورد، غير أنني بعدما انتهيت من تصوير مسلسل ''الذكرى الأخيرة'' كنت في طريق العودة إلى البيت مع زميلاتي فقمت بمشاهدة عن بعد عملية قتل شخص ما، وكان ذلك من تدبير المخرج جعفر قاسم وشعرت خلالها برعب وكدت أفقد توازني، هذا ما حدث وقد طلبت بعدها من المخرج عدم عرض المشهد في الحصة ولا يمكنني أن أضيف أكثر من هذا· ماذا عن خروجك من خشبة مسرح علولة في مسرحية ''أزرق أحمر أبيض'' للكاتبة مايسة باي؟ هي أيضا إشاعة أخرى لفقت لي، القصة وما فيها أنني كنت أقوم بجولة فنية إلى فرنسا لعرض هذه المسرحية لمخرجها خير الدين لرجاب وبعد عودتي إلى الجزائر سمعت الخبر، كدت أن أفقد صوابي، ثم اتضح أن الأمر مجرد إشاعة عارية من الصحة· خضت تجربة فريدة من نوعها في أول مسلسل مشترك جزائري سوري ''عندما تتمرد الأخلاق''، كيف كانت التجربة؟ كانت من أروع التجارب التي قمت بها في التمثيل، التجربة السورية بالنسبة لي طريقة عمل جديدة إكتشفتها وما شد انتباهي هو أن الممثل هناك يشتغل في أكثر أربعة بلاتوهات عكسنا نحن الجزائريين نشتغل فقط في شهر رمضان· تحدثت الصحف الوطنية مؤخرا عن زميلك عزالدين بورغدة، ليعود بذلك الحديث عن ظروف الفنان المادية، ما تعليقك؟ عندما التحقت بالدراسة بمعهد برج الكيفان تعلمت أشياء كثيرة منها أنه على الفنان أن يعيش بكرامة وفي ظروف جيدة تسمح له بأن يبدع أكثر، غير أن ما شاهدته في الواقع عكس ذلك؛ فالفنان الجزائري لا يزال يعاني ويئن في صمت، وما يعيشه عزالدين خير دليل على ذلك، المؤسف أن حديث الصحف إقتصر على نشر الحادثة دون العودة إلى أسباب ذلك· قضية بورغدة ليست غريبة عنك، فقد تعرضت لأمر قضائي بإخلاء سكنك؟ والله عانيت كثيرا بعد أن طردت من بيتي، والآن أنا أستأجر بيتا متواضعا ولا تزال الأوضاع على حالها؛ لكن رغم كل المصاعب التي تواجه الفنان الجزائري في حياته اليومية فإنه علينا أن نتحلى بالصبر كما قالت لي فتيحة بربار الفنانة القديرة، فنحن كفنانات مطالبات بتقديم الأفضل لجمهورنا الذي عودناه على حضورنا، وبما أنني خلقت من أجل خدمة الفن فأنا مؤمنة بكل ما يحدث، وأؤكد للجميع أن الظروف غير العادية لا تؤثر على عطائي الفني بل تزيدني عزما وحبا لمهنتي· في هذا الخصوص، لا بد أن أشير إلى أن كل ما يحدث مع الفنانين من معاناة يدل على مدى تعلقنا بالفن الذي لا يضمن لنا العيش برفاهية ومع ذلك نستمر في النضال من أجله، في نهاية الأمر نحن لسنا نجوما بقدر ما نحن من هذا المجتمع نعيش ما يعيشه ومصرون على خدمة الفن·