يواصل، عدد من أطفال غزة المصدومون من الحرب الأخيرة على القطاع، رحلتهم إلى الجزائر، بمبادرة وتحت إشراف مؤسسة لترقية الصحة وتطوير البحث ''فورام'' التي يترأسها البروفيسور مصطفى خياطي، وعلى هامش لقاء لهم بمنتدى يومية ''المجاهد''، كانت ''الجزائر نيوز'' حاضرة هناك، حيث انفردت ببعض المعنيين لنقل شهاداتهم عما حدث، وسألت بعض المشرفين على العملية· شهادات بلال سيف أبو شاويش: رأيت الناس يتطايرون في الجو أنا من مخيم رفح، عشت تجربة قاسية جدا، أثناء الحرب على قطاع غزة، كنا خائفين كثيرا، وننتظر القصف في أي لحظة، إضافة إلى حالة التأثر بموت أصدقائنا، القنابل المحرمة كانت ترمى غير بعيد عنا، على المدنيين والمدارس، كلها أحدثت هلعا كبيرا عندنا· وعند بداية الحرب، كنت بالبيت في رفح، كنا في المدرسة، الساعة التاسعة صباحا، فسمعنا، فجأة، صوت قصف في المواقع التي بجانبنا، وأسرعنا إلى إخلاء المدرسة، وأسرعنا إلى البيت لنشاهد التلفاز، ونعرف أن القصف طال أيضا مدينة غزة بالطائرات أف 16 وبالصواريخ على البيوت التي هدموها ومن هنا بدأت الحرب، ومن ساعتها لم نعد نذهب إلى المدرسة، وكلنا أعدنا الفصل (السنة)، ورغم بشاعة ما جرى، فإن حي تل السلطان الذي أسكنه لم يصب كثيرا، على عكس بقية المناطق الأخرى· وطيلة أيام الحرب، كنا لا نكاد نفارق التلفاز حتى نسمع الأخبار، وتأثرنا كثيرا بموت الكثير من أفراد شعبنا، فكان هناك أكثر من ألف شهيد، وأكثر من ألفين جريح· ومن المواقف التي لن أنساها، رأيت، أمام موقع عسكري، الناس يتطايرون في الجو من قوة الضربة ورأيت الناس يموتون وتأثرت كثيرا لذلك· ومنذ ذلك الوقت إنتابني شعور بالخوف والحزن، ومن شدة الخوف لم نكن ننام في الليل، وعندما نصاب بالإرهاق كنا ننام بالتدوال، فلا ينام الواحد إلا إذا ترك الآخر صاحيا، فلم أكن أنام إلا قليلا، وفي بعض الأحيان لا أنام إلا ساعة أو ساعتين على أكثر تقدير· وكان من بين شهداء الحرب، ابن عمي الذي استشهد في تل الهوى في غزة، وكان عمره ثلاثة عشر عاما، وعندما تلقيت خبره شعرت بحزن شديد جدا· ممدوح إبراهيم: رأيت عمي ميتا و''البيري'' على رأسه إسمي الكامل ممدوح أيمن جبر إبراهيم، من رفح، وفي يوم السبت، وهو يوم 27 ديسمبر ,2008 كنا في نهاية الفصل الأول، وكنت ذاهبا إلى المدرسة مرورا بمراكز الشرطة التي تم قصفها، وبدأ الضرب ونحن بعيدون عن مراكز الشرطة بحوالي نصف كيلومتر، وأمام السيارة، كان هناك مركز للمباحث وتم قصفه، والرجل الذي كان يسوق السيارة أوقفها في تلك اللحظة ونزل، وساعتها نزلنا نحن وتوجهنا إلى بيتنا، وكان أبي يتصل بي ويقول لي، تعال إليّ عند جامع العودة، وقال لي: عمك أحمد مات، ولم أصدق الخبر، وذهبت إليه، ثم تنقلنا إلى المستشفى وشاهدناه ميتا و''البيري'' على رأسه، وساعتها لم نتمالك أنفسنا وأخذنا نبكي عليه، ثم ذهبت إلى الجراحة ووجدت صديقي ورجلاه مقطعتان، وقضينا مدة الحرب بلا نوم ولا كهرباء ولا ماء ولا أكل إلا بعض الخضار، وكنا في بيتنا الذي أصيب بتكسير جزئي في السقف الذي تخرب· محمد جهاد محسن: كنا ننتظر الموت في أي لحظة أنا محمد جهاد محسن من غزة، وفي يوم السبت 27 من الشهر الثاني عشر ,2008 وكان نهاية الفصل الدراسي الأول، وكان عندنا امتحان لغة عربية، وأنا مار من موقع تلفزي وراء بيتنا، حينها بدأ القصف ورأيت النوافذ كلها تسقط، وبعدها ذهبت إلى المستشفى ورأيت أصحابي، وبعضهم يداه مقطوعتان وبعضهم قطعت رجلاه، بعض أصدقائي وأحد أقربائي وهو عمي الذي نفذ عملية استشهادية، وهناك ابن عمي الذي استشهد في الحرب، وفي الحرب أصيب بيتنا وانهار السقف كله، إضافة إلى الشبابيك والسلالم التي انهارت، وكنا متعايشين مع الموت ونحن ننتظرها في أية لحظة، ولم يكن أحد مطمئنا على أنه يعيش، والكل كان يترقب الموت والتيار الكهربائي مقطوع ولا يوجد طعام ولا شراب وحتى الخروج كان ممنوعا والطائرات الحربية استعملت ضدنا بعنف وحتى الأسلحة الخطيرة ومنها الفوسفور·