المؤامرة الخارجية·· كل مآسي القارة السمراء مؤامرة خارجية·· الفقر المستشري، مؤامرة خارجية· البطالة العامة مؤامرة إمبريالية· الأموال التي يجمعها الحاكم من أصل المال العام، مؤامرة خارجية· تعطل المشاريع، مؤامرة خارجية، التعذيب والقهر والبطش والحرمان·· الحفرة والتعسف، مؤامرة خارجية· تعطيل القوانين والدساتير، مؤامرة خارجية· الحروب الأهلية، مؤامرة خارجية· كل شيء يفسر بالمؤامرة الخارجية· إنها النظرية السياسية الأكثر انتشارا في إفريقيا والعالم العربي· ومع ذلك فالمؤامرات الخارجية من أكبر حقائق العلاقات الدولية في العصر الحديث، بل وفي كل العصور· السطو الأوروبي على القارة الأمريكية وتصفية السكان الأصليين في أستراليا وأمريكا الشمالية، هو فعلا مؤامرة خارجية· وتقاسم أكثر من ثمانين بالمائة من الكرة الأرضية بين فرنسا وإنجلترا، بين القرنين التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين، هو أيضا مؤامرة خارجية· وأكثر ما تعرضت له الحكومات الوطنية من مشكلات، بعد جلاء جيوش الاحتلال، هو أيضا جزء من المؤامرة الخارجية· والمشكلة أن أحداثا عديدة لا علاقة لها بالمؤامرة الخارجية ألصقت بها، فأصبح من الصعب استعمال ما تحمل هذه النظرية من حقيقة، في تفسير الكثير منها: ما حدث في الاتحاد السوفييتي، في عهد غورباتشوف مؤامرة خارجية، ولكن من العبث اللجوء إليها في تفسير ما حدث، لأنها كانت مؤامرة خارجية من النوع المقبول· وما حدث في الشيلي، أثناء تصفية، سلفادور ألييندي، مؤامرة خارجية، أثبتتها الوقائع التالية·· وأكبر المؤامرات الخارجية على الإطلاق هي زرع دولة إسرائيل في قلب العالم العربي، وفرضها واقعا على المنطق والتاريخ والجغرافية· ولا تزال الأممالمتحدة ومعها الدول الكبرى تساند استمرار هذه المؤامرة وتكريسها· وعلى الرغم من أن تصديق لوران غباغبو من قبيل الارتماء في فم التمساح، فإن الوقائع تفيد فعلا بأنها مؤامرة خارجية· والدليل على ذلك واضح بسيط· القانون الانتخابي في الكوت ديفوار يقول بصراحة إن الهيئة المخولة دستوريا للإعلان عن النتائج الرسمية للانتخابات إنما هو المجلس الدستوري· ولا يهم أن يقال: إن رئيس المجلس الدستوري من أتباع لوران غباغبو، وأنه بالتالي في موقع يسمح له بالتزوير· ومجرد اعتماد فرنساوالولاياتالمتحدةالأمريكية على النتائج المعلنة من طرف لجنة الانتخابات يسمح لغباغبو باستعمال نظرية المؤامرة الخارجية· ومن العبث، مرة أخرى، اعتماد موقف البعثة الأممية في الكوت ديفوار، فكل البعثات الأممية في خدمة الدول الكبرى وبالخصوص الولاياتالمتحدة·· والأحداث الكثيرة في العالم تغنينا عن تضييع الوقت والجهد في الاستدلال· وبمجرد إعلان فوز الحسن وتارا، وإعلان فرنسا وأمريكا اعترافهما به، تحوّل هذا الاعتراف بسرعة البرق إلى اعتراف المجموعة الدولية· وتحوّلت بلاتوهات تلفزيونات العالم المتقدم إلى منابر للمختصين، الذين لا يعرفون شيئا عن الكوت ديفوار، ولا عن تركيبته الاجتماعية ولا الاقتصادية ولا السياسية·· كلهم ينصحون غباغبو بالتخلي عن السلطة·· ولسوء حظ غباغبو فإنها مؤامرة خارجية بوسائل لا طاقة له عليها·· يبقى أن نأمل أن تكون من قبيل المؤامرة على الاتحاد السوفييتي وليس من قبيل المؤامرة على الشيلي·