المرحوم مدرسة في الجهاد والنضال، ولست أدري إن كنا قد نهلنا من هذه المدرسة ما يكفي في الحقيقة· الرجل كان متميزا ومن عمل معه أوإلى جانبه، فقد نال شرفا كبيرا· مهري يجسد كل قسم النضال والنبل والاستقامة بكل ما تحمله هذه الألفاظ من معنى· المرحوم أيضا من المدارس النادرة في نظافة اليد والنقاء، أما الوطنية عنده فهي الغاية والوسيلة والهدف· مهري خسارة كبيرة للجزائر بكل بساطة. وزير السياحة الأسبق محمد الصغير قارة يعجز اللسان عن التعبير في مثل هذه المناسبات، فالخطب كبير· لقد مات النزيه والمخلص للجزائر· كان يملك قوة خارقة في إضفاء التوازنات· الجزائر بفقدانه تكون قد فقدت أحد رجالاتها العظيمة والحكيمة· كان دوما حاضرا عندما تحتاجه الجزائر وفي كل الظروف· عرف برأيه الثاقب واعتداله، وتحمله لمسؤولياته· لقد كان بالنسبة لنا مثالا في الاستشراف السياسي. شريف تماني: مجاهد أنا لا أعرفه شخصيا لكن كان اسما ثقيلا من أسماء الثورة الجزائرية، نحن ''أولاد حومة وحدة''· مهري رجل متواضع يفشي السلام بين الناس عندما يكون في جولة لشراء احتياجات بيته· إنه رجل لا يخالط الناس كثيرا لحيائه وخجله، لم أره يوما جالسا في المقاهي، وسيرته الاجتماعية بين الناس نظيفة جدا· إنه رجل شريف. صالح قوجيل مجاهد ووزير النقل الأسبق إنه من الرعيل الأول للثورة ومن مجاهديها الكبار· كان حاضرا في أهم محطاتها المفصلية وكان عضوا في أهم لجانها وهيئاتها، من لجنة التنسيق والتنفيذ إلى الحكومة المؤقة بداية بالحركة الوطنية· عرف بإخلاصه الكبير للوطن، ومن مميزاته قول رأيه حتى إذا علم أنه لا يعجب كثيرا ممن حوله· كان مناضلا فذا وأهله نضاله ليصبح مسؤولا بامتياز. عبد الكريم عبادة مجاهد وقيادي سابق في جبهة التحرير الوطني عرفت الرجل في قطاع التربية في بدايات الستينيات، إنه أستاذ بحق، تتلمذ على يده في السياسة كثيرون، فنعم الرجل والمسؤول هو· لقد أحذت عليه كثيرا عندما كان في وزارة التربية· مشهود له بالكفاءة والتقدير· له قدرة عجيبة على التنظير والاستشراف وصاحب باع طويل في السياسة، يستحق عن جدارة لقب علَم من أعلام السياسة الجزائرية وتاريخها. علي خوجة: جار المرحوم منذ 50 سنة 50 سنة كاملة من الجوار لم أعرف عن سي عبد الحميد سوى الخير والأخلاق (يبكي)· ولم أعرفه لأنه جاري فقط، بل عرفته في جبهة التحرير الوطني· إنه رجل لم يعش من أجل المادة، فلا خطف ولا سرق ولا اختلس، إنه من أنظف الرجال الذين عرفتهم طوال حياتي في العمل وفي الجوار· لم أعرف من يتكلمون عنه بشر منذ .1957 في فترة من الفترات كان وزيرا للشؤون الاجتماعية، وأذكر أنه كان يعطي أموالا لطلبة جزائريين فقراء من راتبه الشهري· إنه ليس صاحب تجارة ولا صاحب رؤوس أموال. الياس بن خدة: ابن بن يوسف بن خدة وجار المرحوم لقد عرفته طيبا ومحسنا للناس· متواضعا ولا تكاد تسمع له صوتا، وهكذا ربى أولاده· لقد كان حقيقة مدرسة في التربية رحمه الله· له سيارة متواضعة يقودها بنفسه، فلا سائق له ولا حراس شخصيون، زوجته مدرّسة لغة فرنسية، وكان يقول بهذا الخصوص يا للعجب أنا معرّب وزوجتي تدرّس الفرنسية، إن هذا لأمر غريب..