يقول عن نفسه إنه خجول بالفطرة، لكن حينما يتعلق الأمر بمواجهة الجمهور فعليه التخلي عن الخجل، هذا هو أكلي دي المطرب الأمازيغي، الذي التقيناه على هامش سهرة أول أمس، التي أحياها بفضاء ''بلاصتي''، وكان لنا معه هذا الحوار. تجمع بين موهبتي العزف والغناء، في رأيك هل هذا ما يجعل من الفنان متكاملا؟ باعتقادي أن الفنان المتكامل هو الفنان الذي يوظف صدقه في الأداء، لا تكفي الأصابع لجعلك عازفا جيدا، بل يجب أن يكون هناك روح في الموسيقى التي تقدمها، المعرفة وحدها لا تصنع فنانا، تقنيات الأداء تأتي في المرتبة الثانية بعد الموهبة الصادقة. هناك من يقول إن الأغنية القبائلية تعاني في ظل زحف أنماط أخرى من الأغاني مثل الراي، كيف تقيم وضعها حاليا؟ لا أظن أنني في وضع يسمح لي بالحديث عن واقع الأغنية الأمازيغية، لكن هناك أمر يزعجني بشدة، وهو وصف الأغنية الأمازيغية بالأغنية الخفيفة، هذا أمر يتعبني كثيرا، الوصف خاطئ تماما، عندما يتحدثون عن الموسيقى الأندلسية أو الشعبية، يصفونها بالتاريخية وكل الصفات المهمة، أما الموسيقى القبائلية فيتنقص من قدرها. أنا أعتبر لقب الأغنية الخفيفة إهانة كبيرة، اسمها أغنية أمازيغية أو أغنية قبائلية، ولا ينطبق عليها وصف الخفيفة. أنا لا أعرف وضع الأغنية القبائلية بالتحديد، لكن ما أعرفه أن وجودها أصبح يقتصر على حفلات الأعراس، وتحوّلت إلى ما يشبه الفلكلور، رغم أن الأغنية الأمازيغية أهدت المشهد الغنائي الجزائري عمالقة من طينة الشيخ محمد العنقا، وبوجمعة العنقيس، فهم غنوا بالقبائلية قبل أن ينتقلوا إلى الدارجة الجزائرية. بالحديث عن الدارجة الجزائرية، هل فكرت في الغناء بها مستقبلا؟ أعشق اللهجة الجزائرية، هي لغتنا التي أفخر بها، أنا أدعم أي شيء جزائري يعبّر عن هويتنا، لكني -للأسف- لا أستطيع الغناء بها، لأني لا أملك الإحساس الكافي بالموسيقى والكلام، والأمر متعلق بالصدق، أنا لا أغني من أجل إرضاء طرف بعينه، أحب الأغنية الجزائرية، وأظن أن هناك مبدعين تجاوزوني في هذا المجال، في الأغنية الشعبية والراي، مثل راينا راي الأيقونة، والشيخة الريميتي التي ستبقى خالدة. ماذا إذا ما تعلق الأمر بديو كالذي أداه الشاب مامي مع إيدير؟ سأوافق حتما، سيكون من الغباء لو رفضت الغناء في ديو مع مطرب يغني بالعامية، لكن شرطي هو أن يكون العمل على مستوى عال من الإتقان، لقد سبق وأن عرض عليّ الغناء في ديوهات ورفضت بعضها بسبب شعوري بأن العمل لا يناسبني، وهناك أعمال سجلت بالفعل، وتخليت عن فكرة طرحها في السوق بعد الاستماع إلى نسختها النهائية، وأذكر مثالا الأغنية التي أديتها مع كاري جايمس، بعد الاستماع إليه وجدنا أن هناك شيئا ما ينقص، ولهذا أوقفنا المشروع، ما يهمني هو أن أطلق أعمالا تعيش لأطول فترة زمنية ممكنة. ما الذي ينقص الأغنية القبائلية لتتحرر من لقب الأغنية الخفيفة، وتتموضع في مكانتها التي تستحقها؟ ما ينقصها حتما هو المهرجانات الخاصة بها، لا يوجد الكثير من المهرجانات التي تعنى بالأغنية القبائلية، وأنا هنا أوجه نداء إلى كل المعنيين، من رسميين وجمعيات، من أجل ترسيم مهرجانات خاصة بالأغنية الأمازيغية، مثلما يحدث في الجنوب، وفي مناطق أخرى، هذا الأمر يساعد على التعريف ليس فقط بالأغنية الأمازيغية، بل بتفعيل سلسلة كاملة من الدعاية للمنطقة ومورثوها، الأمر الذي يخلق حركة سياحية. عدا اشتغالك في الموسيقى، نعرف أنه لديك اهتمامات فنية أخرى، فيما يفكر آكلي حاليا؟ * أنا دائما أفكر في المستقبل، أنهيت، مؤخرا، تكويني في السينما، والآن أنا أشتغل على كتابة سيناريو، وكنت محظوظا بالاشتغال مع كاثرين ليسلي، واحدة من اللواتي عملن مع روبرت دي نيرو، وديستين هوفمان، وهذا لمدة أربع سنوات، إضافة إلى اشتغالي مع الإيطالي رينزو، كما أنني مهتم بالمسرح.