الأشهر والأمهر في لعبة الشطرنج على مستوى العالم، كاتب وناشط سياسي، بنظراته الغامضة وأسلوبه الآمر وبطولاته المدهشة ورغبته التي لا تقاوم في الفوز دائما استحق لقب “الوحش الذي ترى عينيه كل شيء". ولد غاري كاسباروف في باكو بأذربيجان من أب يهودي وأم أرمينية عام 1963، واختار لنفسه لقبا روسيا هو كاسباروف عوضا عن لقبه القديم “وينستون"، وبجانب اللغة والعلوم والرياضيات درس كاسباروف الشطرنج طوال الفترة من 1973 حتى 1978 في مدرسة البطل العالمي ميخائيل بوتوفينيك. بعد فوزه ببطولة الاتحاد السوفيتي للناشئين وهو في الثالثة عشر انطلق محلقا ليصبح عام 1985 وهو في الثانية والعشرين من العمر أصغر بطل للعالم في تاريخ لعبة الشطرنج متفوقا على لاعبه الأسطوري أيضا أناتولي كاربوف الذي لعب كساباروف مباراة التحدي معه واستمرت 48 دورا حتى قرر رئيس الاتحاد الدولي إيقافها بسبب سوء حالة كاربوف الصحية على أن تلعب بطولة عالم جديدة في العام التالي، ويفوز فيها كاسباروف أيضا، ويتوج بطلاً للعالم، تم يأتي عام 1986 ليؤكد كاسباروف جدارته باللقب العالمي ويفوز للمرة الثانية ليحتفظ باللقب العالمي. وفي عام 1996 لاقى كاسباروف الكمبيوتر الخارق ديب بلو فيفوز كاسباروف عليه فأثبت في هذه المباراة على تفوق الذكاء البشري على الذكاء الاصطناعي رغم أن هذا الكمبيوتر كان يحسب 180 مليون نقلة في الثانية الواحدة وتم تطوير نسخة أخرى من برنامج الكمبيوتر ديب بلو، فهزم كاسباروف في العام التالي وهكذا استمرت المنافسة بين ذكاء الآلة مع الذكاء الإنساني مرة يكسبها وهو مخترعها ومرة تكسبه وهو مطورها. ويأتي عام 2000 ليكون بداية العد التنازلي لنهاية مسيرة كاسباروف ففي هذا العام تمكن النجم الروسي فلاديمير كرامنيك أن يهزم كاسباروف على اللقب العالمي في لندن بثماني نقاط ونصف مقابل ست ونصف لكاسباروف، وخلال خمسة عشر دورًا لم يستطع كاسباروف الفوز بدور واحد وهو شيء لم يحدث في تاريخ اللعبة منذ عام 1921. وفي عام 2001 فاجأ كاسباروف جمهور محبيه بقدرات جديدة، تمثلت هذه المرة في مجال الإعلام التلفزيوني من خلال بعض البرامج التي قدمت في تلفزيون روسيا. في عام 2005 اعتزل كاسباروف الشطرنج وأنشأ حركة سياسية أطلق عليها اسم “الجبهة المدنية المتحدة" وحدد رؤيتها وأهدافها في “العمل من أجل انتخابات رئاسية أكثر ديمقراطية ونزاهة". كثيرا من انتقد غاري كاسباروف الرئيس الروسي الحالي فلاديمير بوتين، وكثيرا ما اتهمه بحكم البلاد بالحديد والنار، وبارتكاب أخطاء في الشيشان، واشترك في مظاهرات منددة بهذه السياسات. لم يسلم كاسباروف من شظايا العمل السياسي ففي أفريل من عام 2007، وحينما كان يهم بالاشتراك في مظاهرة معارضة للرئيس بوتين ألقت قوات الأمن القبض عليه وعلى المنظمين لهذه المظاهرة، واحتجزتهم لأكثر من عشر ساعات قبل أن تفرج عنهم على ذمة قضية مناهضة السلطات. ورغم تسيد كاسباروف بطلاً للعالم في الشطرنج ثمانية أعوام على التوالي، فإن رقعة الشطرنج السياسية تختلف، ففي أثناء جولاته في القوقاز تصدى له البعض ورماه بالبيض والطماطم في أوسيتيا الشمالية، واتهم كاسباروف السلطات الروسية بتدبير الأحداث. يواجه بطل العالم السابق للشطرنج والمعارض الروسي غاري كاسباروف -نتيجة مواقفه وآرائه الرافضة لسياسات الرئيس الروسي بوتن- تهم ب “انتهاك القوانين المنظمة للاحتجاجات العامة"، كما يواجه أيضا اتهاما أشد خطورة ب “استعمال العنف مع موظف دولة"، وهي التهمة التي تصل عقوبتها القصوى إلى السجن لمدة 5 سنوات.