أحيت الجمعية الوطنية “البركة" لمساندة الأشخاص المعوقين، اليوم العالمي لذكرى ضحايا حوادث المرور، بمشاركة العديد من جمعيات المجتمع المدني ومختصين وقطاع الأمن، حيث حاول المتدخلون التركيز أساسا على الأسباب المباشرة التي تؤدي إلى مزيد من المآسي على طرقاتها. حيث تشير الأرقام إلى تزايد عدد الوفيات وازدياد في قائمة المعوقين الذين ذهبوا ضحية حوادث المرور، حيث تشير الإحصائيات إلى وفاة 13 جزائريا كل يوم جراء حوادث المرور، كما وصلت الحصيلة الإجمالية للسنة الماضية إلى 4800 حالة وفاة، ما جعل الجزائر تحتل المراتب الأولى من حيث مخلفات حوادث المرور في العالم. كما أشارت التدخلات المختلفة إلى أن نسبة 90٪ من حوادث المرور التي تقع سببها الخطأ البشري. وفيما ركز البعض على ضرورة تطبيق القوانين التي صدرت من أجل مكافحة إرهاب الطرقات، يرى البعض أن الإشكال المطروح يكمن أساسا في عدم تطبيق هذه القوانين، مما ساهم في تفشي الظاهرة وتفاقهما بشكل كبير. وفي هذا الإطار، فقد أخذ مشروع تطبيق نظام المشار حيزا كبيرا من نقاشات الحضور، حيث أكد المتدخلون أنه يعد اليوم من التقنيات المتطورة المستعملة في العالم من أجل الحد من كل التجاوزات والمخالفات التي ترتكب على طرقاتنا. كما عرج المتدخلون كذلك على ضرورة التركيز على المراقبة التقنية للسيارات والمركبات خاصة ذات الوزن الثقيل والمحمّلة ببعض المواد الملتهبة والتي كثيرا ما تركت حوادث مميتة. ودائما في سياق البحث عن الأدوات والوسائل التي يمكن استعمالها بدقة للحد من إرهاب الطرقات، تطرق البعض إلى مشروع شهادة السياقة بالنقاط الذي أقرته وزارة النقل ولم يبدأ بعد في تطبيقه على أرض الميدان. برامج ومناهج في كل الأطوار التعليمية شكلت الوقاية من حوادث المرور هاجسا عند البعض عندما أشار إلى غياب الثقافة المرورية في المقررات الدراسية بدءا بالطور الإبتدائي ومرورا بالمتوسط وانتهاء بالطور الثانوي، حيث تعد السلامة المرورية التي تلقن للطفل كبداية لمعالجة الظاهرة، هذا الأخيرالذي سيصبح بعد سنوات سائقا، وعلينا أن نقوم بتوعيته من المخاطر التي تخلفها حوادث المرور على حياته وحياة المجتمع. حسن. ب ----------------------------------------------------------------------------- مسعود ناصر الطاهر (عضو في جمعية البركة لمساندة الأشخاص المعوقين): قوانين المرور بقيت حبرا على ورق رغم اعترافه بوجود قوانين عديدة في مجال مكافحة ظاهرة حوادث المرور والتقليل منها، إلا أن مسعود ناصر الطاهر عضو في جمعية البركة لمساندة الأشخاص المعوقين، يرى بأن الخلل موجود على مستوى تطبيق هذه القوانين. سأله: حسن. ب تسعى جمعية البركة إلى التحسيس بأهمية تمكين السائقين من الثقافة المرورية، هل ترون بأن العملية أتت أكلها؟ مع الأسف الشديد، لم تنفع الحملات التحسيسية في التقليل من حوادث المرور، والسبب يعود بالدرجة الأولى إلى أن كل القوانين التي شُرِّعت لمكافحة الظاهرة لم تطبق على أرض الواقع، حيث ظلت عدة مواد حبرا على ورق، ولا داعي هنا للتذكير بالمبادرات التي اتخذت من أجل معالجة هذا الموضوع مثل تنقيط رخصة السياقة. في هذا السياق تحدث الكثير عن نظام المشار الذي تمت المصادقة عليه في 1972، غير أنه لم يظهر إلى الوجود لحد الآن؟ دعني أولا أشير إلى أن السلامة المرورية الموجهة أساسا إلى تلاميذ المدارس لم تطبق، أما قضية المشار فلم يظهر لها أثر منذ تاريخ المصادقة عليها، وهي تقنية جد فعالة في ظل استحالة انتشار عناصر الأمن والدرك الوطني في كل طرقاتها الشاسعة. تجه أصابع الإتهام الى السائق باعتباره المتسبب الأول في حوادث المرور، هل ترون أنه المسؤول الوحيد؟ علينا أن نقر بمنطق الأشياء، فالسائق هو ضحية غياب التأطير الذي يمكنه من تفادي بعض التجاوزات التي يقوم بها. وفي هذا الصدد فقد بقي تقييم القوانين جزئيا وبعيدا عن الموضوعية، وهو ما ساهم في تفاقم الوضع. ----------------------------------------------------------------------------- باشي رشيد (أستاذ مكوّن في السياقة المحترفة في مدرسة السياقة): تطبيق نظام المشار سيخفض نسبة 80% من الحوادث ركز رشيد باشي على ضرورة التطبيق الفوري لنظام المشار، لأنه لا يتطلب إمكانات كبيرة أو وقتا طويلا، كما أن فعاليته من شأنها أن تحد من تنامي وازدياد الحوادث المرورية. سأله: حسن. ب كثر الكلام في الأشهر الأخيرة على تطبيق نظام المشار، غير أنه ما يزال إلى حد الآن حبيس التصريحات فقط، ماتعليقكم؟ ما لا يعلمه الكثير هو أن فكرة المشار كانت موجودة منذ السبعينيات، وكان أصحاب الجرارات والمركبات الفلاحية يعملون به، لأن المشار هو الذي يسمح لصالح الشركة بتحديد عدد الساعات التي عملها السائق، وكذا المسافة التي قطعها، غير أننا لحد الآن لم نشرع في تطبيق هذا النظام رغم إلحاح عدة جهات معنية بالموضوع. تطبيقيا، هل هناك إمكانية لوضع نظام المشار حاليا؟ نعم، بالإمكان استعماله لأنه لا يتطلب الكثير من الإمكانات أو الوقت خاصة بالنسبة لعربات الوزن الثقيل والمحترفة، لأن تطبيق نظام المشار يجب أن يكون مرخصا من طرف وزارة المناجم، وكل ما تتطلبه العملية هو تكوين السائقين وإرغامهم على استعمال المشار. ماهي الأسباب التي حالت دون تطبيقه؟ دون تردد أقول إن عدم وضع نظام المشار حيز التطبيق يعود إلى غياب الإرادة لدى المعنيين بالأمر، وهو ما يفسر تفاقم ظاهرة حوادث المرور خاصة بالنسبة للعربات الكبيرة ذات الوزن الثقيل، واستعماله سيقلل من حوادث المرور بنسبة 80٪. ----------------------------------------------------------------------------- فريدة ميلودي (أستاذة في الطب الشرعي): الاضطرابات النفسية والعائلية وراء الظاهرة أنجزت أستاذة الطب الشرعي بحثا علميا حول حوادث المرور، تطرقت فيه إلى عدة جوانب من الظاهرة وأسبابها، وعلى ضوئها خرجت بالكثير من النتائج... ما هي المعطيات الجديدة التي توصلتِ إليها؟ بداية أقول إن الوقاية المرورية بها عدة نقائص، حيث لا يوجد تنسيق بين الجهات المعنية على منوال وزارات كل من النقل، الصحة، التعليم ومصالح الأمن... الخ انطلاقا من كونك طبيبة شرعية، ما هي خطورة الظاهرة على صحة الإنسان؟ ما من شك أن القوانين المرورية التي لابد أن يحترمها السائق مهمة لكنها غير كافية، لأن هناك الاضطرابات النفسية المهنية والعائلية تلعب دورها في هذا المجال، وهي عوامل ساهمت بقسط كبير في الارتفاع المذهل لحوادث المرور. يقوم المركز الوطني للوقاية المرورية بتقديم إحصائيات حول عدد الوفيات التي تخلفها حوادث المرور، هل تقترب تلك الإحصائيات من الواقع؟ مع الأسف هذا المركز لا يأخذ بعين الاعتبار حالات الوفاة، حيث يقوم بإحصاء حالات الموت التي تقع في عين المكان أو تلك التي تحدث عندما ينقل المصابون إلى المستشفى، رغم أن المنظمة الدولية للصحة تندد وتؤكد أن وفيات حوادث المرور تشمل كل من توفي بعين المكان أو بعد شهر. في اعتقادك ما هي النصائح التي يجب أن تقدم للتخفيف من أزمة حوادث المرور؟ أولا يجب إعادة النظر في الدراسات التي أجريت حول هذا الموضوع وكذا إقحام الثقافة المرورية في البرامج والمناهج الدراسية، وإعادة النظر في التعليم والتكوين داخل مدارس السياقة، مع إبراز المخاطر التي تنجم عن التجاوزات والمخالفات المرورية التي يعاقب عليها القانون وتؤدي إلى كوارث بشرية ومادية. ----------------------------------------------------------------------------- رميني موهوب (مختص في السياقة الوقائية الأمنية وأستاذ مكون للسائقين المحترفين): يجب تكوين ورسكلة السائقين عدد رميني موهوب العديد من الأسباب التي ساهمت في ازدياد حوادث المرور، غير أنه ركز على نقطة يعتبرها ضرورية وهي غياب الرسكلة والتكوين التي تتطلبها الكفاءة المهنية. كيف تفسرون الازدياد المضطرد في حوادث المرور رغم وجود القوانين الردعية؟ أولا، أريد الإشارة إلى نقطة، وهي أن السبب المباشر في الكارثة يعود بالدرجة الأولى إلى العنصر البشري من خلال سلوكاته، ناهيك عن كون جل السائقين يملكون رخصة السياقة فقط، وهو ما يتعارض مع القوانين التي تنص على ضرورة امتلاك الشهادة المهنية الممثلة أساسا في التكوين والرسكلة، ونحن نطالب بتطبيق هذه القوانين خاصة في ظل وجود مدرسة خاصة بسلك السائقين. ألا تعتقدون بأن تأخرنا في تنظيم الأيام التحسيسية التي أخرتها الأممالمتحدة منذ 2005 هو الذي زاد في تفاقم الظاهرة؟ هذا الجانب يحوي الكثير من الصواب، إذ أننا لم نشرع في تنظيم هذه الأيام التحسيسية سوى منذ عامين فقط، من خلال تبادل التجارب مع المعنيين بالأمر، غير أن كل المبادرات التحسيسية لم تقدم شيئا. في رأيكم أين يكمن الحل؟ أعتقد أن السبيل الوحيد هو تطبيق نظام المشار، وهذا للتقليل من الحوادث، وكذا اللجوء إلى التنقيط في رخصة السياقة. يرى العديد من المختصين في هذا المجال ضرورة إدراج مادة الوقاية المرورية في المنهج الدراسي، هل هي نوع من الحلول؟ ما يجب أن نعلمه اليوم هو أن أطفال اليوم سيصبحون سائقين في المستقبل، ولهذا يتوجب تعليم الأطفال. سألهما: