ووفق المعلومات الواردة من عاصمة “التيطري"، فإن ما فعله هذا النائب واسمه “ط. م« تجاه الموظفة المشار إليها يندرج ضمن “سلوكات متكررة" كان قد قام بها تجاه عدد من “هياكل الدولة" وذلك قبل أن يعتدي على موظفة بالجزائرية للمياه كانت، يوم وقوع الاعتداء، ضمن فريق عمل محلي بمعاينة مخالفات ارتكبها هذا النائب، صاحب ملبنة في المدية، عندما قام بتوصيلات غير شرعية للمياه نحو المؤسسة التي يملكها. وعاشت الجزائر، على امتداد سنوات، عدة حوادث مماثلة اعتدى فيها نواب برلمانيون على مواطنين ولكن من دون أن يكون لذلك تبعات من ناحية إسقاط الحصانة البرلمانية عنهم، ومن ثم متابعتهم قضائيا، ومنذ سنوات أطلق اسماعيل ميرة النائب الأسبق في بجاية النار، على مستوى الولاية، على شاب توفي بعد 11 يوما من وقوع إطلاق النار، كما شهد مطار هواري بومدين، منذ سنوات، اعتداء نائب برلماني على شرطي أثناء عملية تفتيش روتينية.. كأمثلة فقط على هذه الاعتداءات التي ارتكبها نواب ضد غيرهم. وفي الواقع فإن قضايا هذه الاعتداءات تحمل الكثير من علامات الاستفهام حول حدود الحصانة البرلمانية وذلك بقدر ما تحمله من تعقيدات بخصوص اسقاط هذه الحصانة نفسها، وتشير المادة 111 من الدستور الجزائري إلى أنه يمكن توقيف نائب في البرلمان أو في مجلس الأمة في ظل حالة تلبس بخصوص جنحة أو جناية مع إخطار مكتب الغرفة البرلمانية المعنية حسب الحالة على أن المكتب المشار إليه يمكن له إيقاف المتابعة وإطلاق سراح النائب أو عضو مجلس الأمة على أن يعمل فيما بعد بأحكام المادة 110 من الدستور التي تشير إلى أنه لا يجوز متابعة أي نائب أو عضو مجلس الأمة بسبب جناية أو جنحة إلا بتنازل صريح منه أو بإذن من الهيئة التي ينتمي إليها والتي تقرر رفع الحصانة عنه بأغلبية الأعضاء، أما المادة 109 من الدستور فهي تشير صراحة إلى أن “الحصانة البرلمانية معترف بها للنواب ولأعضاء مجلس الأمة مدة نيابتهم وعهدتهم البرلمانية، ولا يمكن أن يتابعوا أو يوقفوا، وعلى العموم لا يمكن أن ترفع عليهم أي دعوى مدنية أو جزائية أو يسلط عليهم أي ضغط بسبب ما عبروا عنه من آراء أو ما تلفظوا به من كلام أو بسبب تصويتهم خلال ممارستهم مهامهم البرلمانية". ويستخلص من مضمون هذه المواد الدستورية عدم إمكانية متابعة أي نائب أو عضو مجلس الأمة قانونيا إلا بعد إسقاط الحصانة عنه، وهي مسألة تمر بإجراءات معقدة في اتجاه موافقة غالبية أعضاء الهيئة التي ينتمي إليها، الأمر الذي يبقى في كل الأحوال مستبعدا لا سيما إن كان النائب أو عضو مجلس الأمة المعني قد ارتكب أمورا تصنف في خانة الجنح. ومع بروز واقعة جديدة في اتجاه اعتداء نواب على مواطنين كما حدث هذه المرة في المدية، قد يصبح الموضوع مدعاة أخرى لفتح نقاش بخصوص حدود الحصانة البرلمانية، التي حتى وإن كانت ضرورية ومهمة من أجل قيام النائب أو عضو مجلس الأمة بمهامه في جو من الأمان، إلا أن ذلك لا ينبغي أن يعطي لأي من أعضاء الهيئتين الحق في الاعتداء على الآخرين من دون أن يتبع ذلك متابعة قانونية وتنفيذ الجزاء العادل إن كان الأمر يتطلب الجزاء فعلا وفقا للقانون.