عرضت، نهاية الأسبوع، بالمسرح الجهوي كاتب ياسين بتيزي وزو، مسرحية بعنوان "أزال نثلالي" التي تطرقت إلى التضحيات التي قدمها الجزائريون إبان الثورة التحريرية لأجل استرجاع السيادة الوطنية، وتظهر شجاعة المجاهدين في التصدي للفرنسيين. «أرفض الانضمام إلى أعدائي مثل جبان.. أرفض أن أبيع دم إخواني.. أفضل أن أموت واقفا في عاصفة الحرب خير لي من أن أعيش راكعا إلى الأبد وألطخ أرضي النبيلة.. أرض أجدادي..."، هذا مقطع من نص مسرحية "أزال نثلالي" للمخرج الياس مكراب. وتتناول هذه المسرحية الثورة التحريرية وتظهر شجاعة الشعب الجزائري في رفع التحدي والتصدي للعدو الفرنسي. بدأ العرض بمشهد رثاء امرأة للشهداء الذين ضحوا من أجل الجزائر، حيث أظهرت رغبة مجاهدة وأرملة شهيد شاركت في الجهاد ضد الفرنسيين في منح ابنها من الجيل بعد الاستقلال فرصة اكتشاف التاريخ الحقيقي للبلاد، وهو التاريخ الذي كتبه والده قبل استشهاده. القصة قدمت على شكل حياة ترويها الوالدة لابنها، حيث نجح المخرج في التقنية التي اعتمد عليها في التسلسل الزمني للأحداث التاريخية التي عاشتها الجزائر، مركزا بصفة أكثر عن الثورة التحريرية التي انطلقت في نوفمبر 1954، وجسد الممثلون فوق الخشبة الشجاعة التي يتحلى بها المجاهدون في مواجهة الجيش الفرنسي، وإظهار اعتماد المجاهدين على حرب العصابات ونصب الكمائن ونجاحهم في إلحاق هزائم نكراء بالجيش الفرنسي وتمكنهم من جمع المال بفرنسا وإدخال الأسلحة من الحدود المغربية والتونسية. وفي المشهد نفسه أظهرت المسرحية التعاون والتضامن الكبيرين، اللذان تميزا بهما الشعب الجزائري مع المجاهدين لخدمة الثور على غرار وضع منازلهم تحت تصرف المجاهدين وإخفائهم والتكفل بهم بالأكل وإسعاف المصابين، وأظهرت المسرحية أن المجاهدين وظفوا الجانب اللوجيستيكي كوسيلة فعالة يعتمدون عليها خلال الثورة في قهر الاستعمار خصوصا تفعيل عمل المخبرين والفدائيين والمسبلين بأسماء مستعارة، وأظهر المجاهد "دا مقران" واسمه الثوري "سي واعلي" شجاعة الرجل الجزائري الفذ في إخفاء الأسرار الثورية رغم تعرضه لتعذيب عنيف، فلم يدلي بأية معلومة حول المجاهدين وأماكن تواجدهم، وفضل أن يضحي بنفسه من أجل الشرف والدفاع عن الجزائر، وفي مشهد مؤلم ينقل شجاعة المجاهد الجزائري صرخ "دا مقران" في وجه الجنود الفرنسيين والحركي المدعو "علي أوغودو"، معبرا عن ارتباطه بنضال المجاهدين قائلا: "لن أبيع دم إخواني، هذه أرض أجدادي ولن أركع للأعداء، أضحي بحياتي ودمي حفاظا على الشرف والاقتداء بالأجداد"، ورغم التعذيب الشديد نطق بعبارة "أناراز ولا نكنو" وتعني بالعربية "ننكسر ولن ننحني" قبل أن تقضي عليه رصاصات الاستعمار. وفي يومها استطاعت زوجته "نا تيتام"، أن تثأر من دم زوجها بقتلها للحركي "علي أو ودو" الذي خان الجزائر وشعبها ووقف مع الاستعمار. وما ميز عرض المسرحية، هو التطرق إلى كل الحقبات التاريخية التي عاشها الشعب الجزائر منذ الاحتلال الفرنسي في 1830، حيث جسد فوق الركح حادثة المروحة وقضية الداي حسين والقنصل الفرنسي، مظهرا كيفية غزو الفرنسيين للجزائر بأسطول بحري ضخم. وتطرقت أيضا إلى مجازر 8 ماي 1945 التي عرفتها سطيف وقالمة وخراطة ونقلت الصورة الإجرامية البشعة في قتل الجزائريين. وبعدها تطرقت المسرحية إلى فترة استقلال الجزائر والاحتفالات التي عمّت الوطن، وجسد ذلك برفع العلم الوطني إعلانا عن الاستقلال الرسمي للجزائر. وفي نهاية المسرحية قدمت الأم المجاهدة نصائح لابنها وطلبت منه أن ينقل رسالة الشهداء وتدوين التاريخ الحقيقي دون تزييف وأن يقوم بمهام وطني يكون استمرارا للنضال الثوري ووفاء لدماء الشهداء، وأن يعلم الجيل القادم أن الاستقلال جاء بالتضحيات والتحدي والشجاعة.