دائما جذبتني شخصية أبي العلاء المعري، شاعر التشاؤم والزهد والنأي بالنفس عن فساد الحكام وفتنة المتهافتين على مائدة الدنيا وملذات الحياة، ومن منا الذي لا يذكر سخريته من الحياة الزائلة ومن الأمجاد الزائفة للحكم وأناسه. لقد حبس نفسه في بيته وتجنب الأقزام من دعاة المعرفة وأدعياء الحقيقة من رجال النفوذ والعلماء المزيفين.. من منا لا يذكر أشعاره النقدية لزيف رجال الدين والسياسة والثقافة.. ومع ذلك لم يعد لأبي العلاء المعري ذكر في حياتنا الثقافية ولا وجود في وجداننا وحياتنا.. أصبحنا عرضة للأدعياء وعبيدا للمشعوذين في الأدب والثقافة والسياسة.. ولذا اخترت أن يكون هذا العمود محاكاة متواضعة ومعاصرة لرسالة الغفران الشهيرة، والتي كانت ملهمة لشاعر إيطاليا العظيم دانتي.. "الكوميديا الإلهية". سأرحل إلى العالم الآخر وألتقي هناك من ألتقي.. أناقشهم، أتساءل عن أحوالهم ومصيرهم، وأنقل أخبارهم إليكم علها تكون عبرة لنا وإضاءة لما نعيشه عن حيرة وقلق، وخوف ورجاء.. وعلى قول الحقيقة نلتقي.