اتجهت نحو حديقة صغيرة مليئة بالأشجار المورقة والوديان المتنوعة، وديان اللبن والعسل والخمر والحليب والرايب.. واجتاحتني الرغبة في العوم في أحد هذه الوديان، لكن ما أن رأيت حورية تعوم حتى تراجعت وخجلت، لكن صوتا قال لي، لا تخجل يا صاحبنا، السباحة هنا مسموحة مع الحوريات، ففرحت وأردت تقديم شكري لصاحب الصوت، ولقد كان قصير القامة ومهذبا وفي غاية اللباقة، فسألته عن هويته فقال لي، ألم تعرفني يا صاحبي، فقلت: شبهتك، لكنني لم أتمكن من استرجاع صورتك، فقال لي: أنا يا صاحبي الشاعر صاحب الديوان الوحيد "الجحيم والجنون"، فصرخت فرحا، ورحت أحضنه بقوة، فقال هل عرفتني؟ قلت: وكيف لا.. ألست الشاعر العظيم يوسف سبتي؟! قال بلى، ثم قلت فعلا، اسمح لنا كثيرا يا صاحبي يوسف، لقد نسيناك، ولم يتذكروك منذ أن غادرتنا في تلك الصورة المحزنة والمرعبة، عندما اغتالوك ذبحا.. فنظر إليّ وقال لا عليك.. الجزائريون نساؤون في الدنيا والآخرة.. ثم سألني كيف تركت حالة اتحاد الكتاب والجاحظية بعدك، وهل فعلا الطاهر وطار التحق بنا هنا؟! فقلت: ألا تعلم؟! فقال: "أنا هنا أعيش وحدتي بصورة مطلقة".