يصفه خصومه بالتسونامي، ويأخذون عليه مساره المشتبه فيه والذي تحوم حوله مسألة تورطه في الفساد، لكن هذا الرجل الذي كان على رأس البرلمان تمكن، وضد إرادة الجميع، من أن يتقلد أعلى منصب في أعتى حزب تليد في الجزائر. ..وهو بذلك دفع بالسجالات داخل وخارج جهاز الأفلان إلى أقصاها بحكم اللحظة الحرجة التي تولى في ظلها مقاليد الأفلان، وكذلك بسبب التصريحات النارية التي أطلقها ضد الجهاز العتيد الإستعلامات (الدياراس)، وهذا ما أوحى إلى أكثر من مراقب أن للرجل عرابا يتحركون في الظل ويقودون حربهم دون هوادة مؤقتا عن طريق الوكالة التي امتشقها السيد سعيداني.. ويشير الممتعضون من داخل جبهة التحرير إلى أن ثمة خطأ استراتيجيا عندما دفعت به الزمرة النافذة في الرئاسة لأن يكون الرجل الأول في جبهة التحرير، لأنه ترتبت عن ذلك وفي وقت وجيز نتائج عكسية سيدفع الأفلان ثمنها باهظا، وبالتالي يكون الإنعكاس سلبيا على كتلة دعاة وأنصار العهدة الرابعة، خاصة بعد ردود الأفعال الخفية التي أبدتها بعض الدوائر النافذة في الحكم تجاه خطة الرجل الوافد إلى قيادة الأفلان. وحسب المعلومات الجديدة فإن الوضع الذي تولد عن مجيء سعيداني إلى هرم الأفلان قد أضحى لا يبشر بخير، وربما ضمن هذا السياق يكون سعيداني قد غادر التراب الوطني إلى باريس، وذلك منذ أكثر من عشرة أيام.. ترى هل يكون تنقله إلى باريس خاصة خلال هذا الظرف الحرج يتعلق بأمر شخصي أم له علاقة بتصريحاته ضد جهاز الإستعلامات؟!. يقول أحد المقربين من سعيداني، إن الرجل انتقل إلى باريس لأمور عائلية، وذلك لتدبير شؤونه الخاصة المتعلقة بزوجته الثالثة الحائزة على جنسية مزدوجة، فرنسية وجزائرية، وكان قد تعرف عليها أيام كان على رأس البرلمان. إلا أن البعض يرى أن ذلك مجرد ذريعة وتغطية على ما تسبب فيه سعيداني من اندلاع مشاكل حادة بسبب تصريحاته، وخطته في إدارة الصراع ضد جهاز الإستعلامات من جهة وضد الوزير الأول عبد المالك سلال، بالإضافة إلى إثارته لمعارضات حادة داخل الأفلان.. فحسب مصدر حسن الإطلاع يكون جهاز الإستعلامات قد عبّر عن امتعاضه من تصرفات سعيداني التي كانت بمثابة صب الزيت على النار، وكاد ذلك يؤدي إلى انزلاقات غير محمودة العواقب، وهذا ما أدى بالزمرة الحامية لسعيداني إلى أن تنصحه بالتوقف عن تلك التصريحات والإختفاء عن الأعين مؤقتا إلى غاية ظهور بعض الفرز على الساحة السياسية. ويكون سعيداني قد استشعر بعض الخوف من خلال النصائح التي أسديت إليه، فاختار اللجوء إلى باريس. ويرى آخرون أن سعيداني لم يقدم خدمة لأنصار العهدة الرابعة كونه جعل الأفلان في وقت وجيز منقسما على نفسه إلى أكثر من عصبة، فهناك عصبة التقويميين التي ارتفع عددها بانضمام عناصر الحكومة المطرودين، وهي تسعى إلى الإستيلاء على المكتب السياسي. والعصبة المتشكلة من عناصر اللجنة المركزية وعدد من النواب الموالين لعلي بن فليس، والعصبة المتكونة من بعض المحافظين وعدد من أعضاء اللجنة المركزية، ويدعي أصحابها أنهم وصلوا إلى 106 أعضاء، وهم قيد التحضير لرسالة إلى رئيس الجمهورية قد يعلنون فيها عن اشتراطهم لدعم عهدة رابعة رحيل سعيداني من على رأس الأفلان. وتطلق هذه العصبة على نفسها، عصبة الطريق الثالث. ثم أخيرا عصبة عبد العزيز بلخادم التي تطالب برحيل سعيداني، وهي الآن تعمل على ترشيح بلخادم في حالة عدم ذهاب بوتفليقة نحو عهدة رابعة.. وإذا صحت هذه المعلومات، نحن الآن أمام حالة تفكك للحزب العتيد، وهذا ما سيجعل أنصار العهدة الرابعة يفتقرون إلى آلة حزبية طالما كانت أداة فعالة من حيث التجنيد والرمزية خلال المواعيد التاريخية الكبرى..