جلس بلخادم وأويحيى أمام بوتفليقة بعد أن وضعا الريحة وذهبا عند الحفاف ولبسا كوستيمين جديدين كان مخبئان في الخزانة تحسبا لمواعيد هامة جدا مثل هذه التي طلبهما فيها فخامة الرئيس. تناول بوتفليقة حبة قاطو من فوق الطاولة فسقطت منه قبل ان تصل إلى فمه، فسارع الرجلان لحملها من على الأرض في سباق كبير ولكن الحظ كان إلى جانب أويحي الذي وصل إليها قبل بلخادم فوضعها على الطاولة من جديد. دعاهما الرئيس بإيماء من رأسه أن يشربا القهوة فلبيا الدعوة بسرعة فائقة لكن القهوة كانت مرة جدا جدا جدا ومع ذلك رسما على وجهيهما ابتسامة عريضة جدا جدا جدا ليفهم بوتفليقة أنهما يرضون حتى بالمرار معه. ساد الصمت انتظر الرجلان بوتفليقة ليتكلم لكنه لم يفعل بل بقي شاردا في زاوية بيته المؤثث والجميل جدا والذي يبدو انه لم يكن في قائمة الممتلكات المصرح بها، لا يذهب ظنكما لبعيد قد يكون البيت ملكا للدولة والرجال النزهاء لا يعتبرون مال الدولة مالهم. نظر بلخادم لأويحي حتى يستفسر منه هل يبدأ الكلام مع بوتفليقة أم يبقى صامتا لكن أويحي قام بحركة برأسه فهم من خلالها بلخادم الرفض فصمت من جديد. ارتشفا القهوة المرة ثانية وثالثة ورابعة....الرابعة هذه هي رأس الخيط، تمتم بلخادم في قلبه هيا قول واش راك حاب، نظر اليه بوتفليقة نظرة كاد بلخادم يغمى عليه حتى شك أن الرئيس يسمعه ماذا قال حتى بينه وبين نفسه فالتقط أنفاسه المتعثرة ومسح العرق المتصبب من جبينه ثم عاد لهدوئه وصمته. وفجأة ظهر رجل قصير ونحيف البنية بعينان زرقوان يترقصان مثل الحنش وقال لهما كليتو القاطو شربتو القهوة..هيا بقاو على خير. خرج بلخادم وتبعه أويحي وبعدهما الرجل القصير الذي أغلق باب الغرفة على بوتفليقة وهو يقول له ...راهي فرات قلت لك أن الحياة كلها حسابات دقيقة وكمشة من الذبان ! هذا هو سرك يا بلخادم الذي تريد أن تخبئه أفضحته لك انا هنا في هذا المكان حتى تعرف أن يصير ما دار بينك وبين بوتفليقة على كل لسان ولك الحق في أن تكذبني إن أردت.