سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
حوار مع القاصة "عبد الحفيظي فاطمة": ما تزال حكايات "الجلفة" وأساطيرها وكراماتها تمتد من تاريخ عميق / الفكر الإسلامي لغة العمل والتحدي لا لغة التبعية والهوان.
القراءة من ضرورات الحياة القاصة فاطمة عبد الحفيظي من سكان مدينة الجلفة، تحمل مستوى السنة الثالثة ثانوي ولم تسعفها الظروف لإكمال مشوارها الدراسي. لكن لها مشاركات ونشاطات متعددة، فهي من أعضاء الجمعية الثقافية "نادي الحياة" للإبداع الفكري والأدبي بالجلفة، وقد نشرت مجموعة من المقالات والقصص القصيرة في أسبوعية "المجاهد".. شاركت أيضا في عدة تظاهرات محلية ووطنية، كما استضافتها إذاعة الجلفة الجهوية، وقد أصدرت روايتها "آخر رجل في التاريخ" عام 2007 عن دار الحياة الصحافة بالجلفة، وأصدرت أيضا كتابا بعنوان "غزة صمام الأمان". تتميز السيدة القاصة "فاطمة عبد الحفيظي" بإرادة صلبة متواصلة وتحد كبير رغم أنها أم وربة بيت .. التقت جريدة "الجلفة انفو" بهذه المبدعة في عجالة وكان لنا معها هذا الحوار: أولا حدثينا عن باكورة أعمالك؟ "آخر رجل في التاريخ" هو عبارة عن قصة افتراضية لما هو قادم من أحداث.. فقد تصورت نهاية التاريخ في أمريكا حيث تغيب تلك الهيمنة التي أزعجت العالم وتذروها الريح بغير رجعة، وتغيب معها إشكالات كثيرة.. حين تنتهي أمريكا تنتهي أسباب الصراع وبالتالي يبقى فقط العالم الإسلامي، لأنه من دوافع بقائه الإسلام، الدين الذي يحوي التصور الكلي للحياة.. فيبقى رجل واحد.. والسؤال الذي يطرحه "من يدري أنه بقي شخص أخير... إذ لا أحد يعلم أنه بقي الأخير".. وأُسقطُ بعض الأحداث التاريخية المهمة في تغيير خارطة الأرض من خلق آدم، وحادثة سيدنا "نوح" عليهما السلام. لكن في الأخير يستيقظ الافتراض على واقع نعيشه ونحلم بأن يتغير وأن يبقى للعالم الإسلامي وجوده الحقيقي في العلم والمعرفة والابتكار لأن هذا هو الأصل في الفكر الإسلامي... الفكر الإسلامي لغة العمل والتحدي لا لغة التبعية والهوان. هل يمكن أن يتوحد العالم الإسلامي في ظل الظروف الراهنة؟ في اعتقادي ليس قريبا.. ربما بعدما تمر هذه الموجة من الصراعات، وينضج الفكر الإسلامي في العقول أكثر ويكون للتفاهم مكان وللتعبير عن الأفكار مكان مهما كنا مختلفين في التصور، لأن هناك حركات سياسية لا تعبر عن حقيقة الفعل السياسي والتفاهم الديني بالشكل اللائق الذي يساير "تطور العقل" لا اغتياله.. المسلمون قبلوا الانقسام على أنفسهم.. وزعوا أنفسهم على رجال ذهبوا، وذهب كل رجل بما أتى، إنه زعم كزعم الآلهة.. ويستمر القتال ويدور بين الملل والنحل.. إنها فقط الفتنة التي تعيق تحقيق التوحد، هي محمية مثل المحميات الطبيعية والحيوانية لها حقوقها وحرّاسها، وحتى خزنتها.. لديك كتاب آخر يتحدث عن غزة وظروف العالم العربي، ما الأبعاد التي يرمي لها هذا الكتاب؟ هذا الكتاب تنبأت فيه عن سقوط النظام المصري السابق، وسمعت "الهتاف" من داخل تصوري ويمكن للقارئ أن يكتشف ذلك بعد قراءته للكتاب، كما أن هذا الكتاب يسجل لحظات وحوادث تاريخية ويستنبط منها ما يعتمل من صراع، خاصة ما نتج عن السياسات المتداخلة بسيطرة اللوبي الصهيوني، في مقابل التشتت الرهيب داخل فكر المقاومة. وغزة هي الأم الكبيرة التي لم تفلت صغارها رغم ألمهم وضياعهم وتشتتهم.. مدينة ليست متحجرة وشعب يستعصى على الإبادة.. مازال هذا الشعب يواصل كفاحه .. تناسلت المرأة فصارت مدينة بأكملها رجالا ونساء بأطفالهم، والرجل أنجب شعبا بهمومه وقضيته وستون عاما من التشرد والمعاناة. ماذا عن القراءة وعوالم الكتاب؟ القراءة من ضرورات الحياة، هي النفس الذي يعتمل في الداخل، نستنشقها ونخرجها نصوصا متعددة تحاول أن تترك أثرا ما. وأراها عملية فكرية لا بد منها لكل صغير وكبير، هي من تعينك على فهم نفسك ومن ثم تطويرها. وإن نتجاهلها فلن نبرح مكاننا رغم مرور الزمن. وقراءاتي متعددة بين الأدب والدين والسياسة والأدب العالمي، كفيكتور هيجو وغيره، وجزائريا استفدت من قراءتي للطاهر وطار، وجيلالي خلاص، والطاهر يحياوي، كما تذوقت أبو القاسم الشابي وتقاسمت معه هيامه الشعري داخل قصائده. للمدينة رائحتها في عمق الكاتب، ماذا عن مدينتك؟ مدينتي تكمن في القلب.. الجلفة تصلها الثلوج وتهاجمها الرمال، هي تعيش كل هذا التناقض، تحتمي بأشجار الصنوبر والسنديان، تتعطر بأعشاب الجبل وتكاد رائحة الفجل والشيح والحلفاء وزهرة الياسمين تتجاوز مستوى الجناح الذي يحيط بهذه المدينة، ما تزال حكاياتها وأساطيرها وكراماتها تمتد من تاريخ عميق. هل من مشاريع في الأفق؟ الحقيقة أنني أعمل على مجموعة قصصية، من موضوعاتها "الأم" المرأة التي تتعرض إلى التكرار في عالمنا، بين خادمة ومربية ولاشيء .. المرأة أراها موضوعا مؤلما يشكل الحديث عنها ببساطة.. وأخيرا أشكركم على منحي هذه الفرصة كي ألتقي بالقارئ الذي هو هدف الكتابة بالنسبة لنا، نندثر نحن ويبقى القارئ وحده الحكم والمستفيد..