سلط المعرض الوطني العاشر للعسل الضوء على الكثير من المشاكل والصعوبات التي باتت تقف عائقا أمام تطوير عملية إنتاج العسل في الجزائر، بالرغم من تزايد الاهتمام بهذه المهنة من طرف مربي النحل في السنوات الأخيرة وأكد المشاركون في معرض العسل المنظم بتعاونية النحل ببلدية جسر قسنطينة بالعاصمة، أن المشاكل التي تعترض نشاطهم تتعلق بعضها بالتسويق والتصدير والتكوين ناهيك عن خطر المبيدات المستعملة التي تهدد حياة النحل وكذا غياب مخابر متخصصة للتحاليل. وفي هذا السياق، أبرزت إحدى مربيات النحل التابعة للتعاونية في تصريح ل «الشعب» أن افتقار الجزائر لمراكز تكوين متخصصة في مجال تربية النحل يرهن حظوظ المستثمرين في هذا المجال ونسبة نجاح مشاريعهم. مضيفة أن مربي النحل غالبا ما يلجأ إلى مربين نحل سابقين لأخذ الإرشادات والنصائح الكفيلة بولوج هذا النشاط بأقل الأضرار. وأوضحت ذات المتحدثة أن من بين المشاكل التي تعيق توسيع نشاطهم عزوف الجيل الجديد عن استهلاك العسل الطبيعي، مما يؤثر سلبا على عملية تسويقه. وأرجعت مربية النحل هذا العزوف إلى عدم تنشئة الطفل على ذوق العسل الطبيعي وهجران الأولياء لهذا الدواء المفيد لسنوات طويلة والاكتفاء بالأدوية الكيميائية لعلاج مختلف الأمراض. وتقول ذات المتحدثة أن مربي النحل يتحمل الكثير من المتاعب في سبيل تحصيل منتوج جيد، حيث يضطر إلى نقل صناديق العسل عدة مرات في السنة إلى أماكن متباينة لجني أنواع مختلفة منه، كما أنه يحرص على تقديم منتوجه في أحسن تعبئة تعكس جودته العالية في وقت يحجم المواطن على شرائه بحجة عدم تعوده على ذوقه. العسل التايلاندي والتركي بدل الجزائري من جانب آخر، أشار أحد المستثمرين في مجال تربية النحل إلى أن إغراق السوق الوطنية بالعسل المنتج في دول أوربية وعربية يعد عاملا آخر يعيق عملية تسويق المنتوج الجزائري رغم جودته وكثرة الطلب عليه، حيث يتعرض إلى منافسة شديدة في عقر داره. فرغم أن إنتاج الجزائر من مادة العسل ارتفع في السنوات الأخيرة، حيث تم تحقيق إنتاج يقدر ب 48 ألف طن ما يعادل 48 مليون كيلوغرام مقابل 33 ألف طن سنة 2008، إلا أن أبواب الاستيراد ما تزال مفتوحة أمام الإنتاج الأجنبي رغم تحذيرات الباحثين والمختصين من عدم مطابقته للمواصفات الدولية. وحسب الإحصائيات المقدمة في هذا المجال، تستورد الجزائر ما معدله 150 ألف طن من العسل سنويا من كل من تايلاندا وتركيا والعربية السعودية والولايات المتحدة في وقت يقدر معدل استهلاك الجزائري لهذه المادة 80 غرام سنويا من العسل مقابل 700 غرام عند الفرنسي و 900 غرام لدى السويسري. ويعد نقص الوسائل والإمكانيات لتعبئة المنتوج الجزائري وفق المعايير الدولية أحد أسباب التي باتت تقف حائلا أمام رواج العسل الجزائري في الأسواق الدولية، حيث ما يزال المربي الجزائري يسوق منتوجه في علب بلاستيكية لا ترقى للمعايير الدولية المطلوبة. وقال مربي نحل من ولاية تيزي وزو في هذا الشأن، أنه في الوقت الذي يكثر الطلب على منتوجنا في الخارج، يبقى عسلنا مخزن في منازلنا. أما أحد المربين من مدينة البليدة فقد أشار إلى أن منتوجاتنا من العسل ذات نوع وحيد من الأزهار وهي جد مطلوبة إلا أننا لا نتمكن من تصديرها بسبب غياب مخبر تحاليل يستجيب للمواصفات الدولية. دعوة لرفع التحدي أمام كل هذه المشاكل والصعوبات التي تعترض النهوض بهذا النشاط، لم يجد وزير الفلاحة والتنمية الريفية السيد رشيد بن عيسى سوى تقديم وعود لمربي النحل لمرافقتهم بقوة، داعيا إياهم إلى رفع التحدي المتمثل في بلوغ نسبة إنتاج تقدر ب 100 ألف طن في آفاق سنة 2014. بالمقابل أعلن ذات المسؤول خلال تدشينه معرض العسل عن اتخاذ بعض الإجراءات تخص هذا الفرع ومنها إنشاء مراكز بيداغوجية مختصة في مجال تربية النحل على مستوى الحظائر الطبيعية وفتح فضاء تجاري كبير مستقبلا على مستوى العاصمة سيسمح بترقية المنتوجات التقليدية منها العسل. كما دعا السيد بن عيسى مربي النحل إلى تنظيم أنفسهم من أجل إعداد اقتراحات حول منح العلامة التجارية لمنتوجاتهم سيما وأن الإطار التنظيمي موجود. ومن جهته، أشار رئيس الاتحادية الجزائرية لمربي النحل والباحثين إلى وجود اتفاقية على وشك التوقيع عليها مع الصندوق الوطني للتعاضدية الفلاحية (تأمينات) من أجل وضع منتوج للتأمين من كل الأخطار التي يواجهها الفرع لا سيما سرقة خلايا النحل. تجدر الإشارة إلى أن عدد العاملين في هذا الفرع يقدر ب 20 ألف مربي نحل يسهرون على 1,5 مليون خلية نحل.