ثانيا: مبيحات الصيام: وهي الأفعال التي رخّص الشارع الحكيم فعلها فيثيب سبحانه عبده على فعلها ولا يعاقبه على تركها، وهذه المبيحات كثيرة منها: 1 - السفر: يباح الفطر في رمضان للمسافر باجماع المسلمين لقوله تعالى: ]من كان مريضا أوعلى سفر فعدة من أيام أخر[( البقرة). وعن عائشة رضي الله عنها ان حمزة بن عمرو الأسلمي «رضي الله عنه»، قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أأصوم في السفر؟ وكان كثير الصيام، فقال له صلى الله عليه وسلم: «إن شئت فصم وإن شئت فافطر». الصوم في السفر أفضل لمن قدر عليه وأطاقه بدليل قوله تعالى: ]وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون[( البقرة). وإن وجد العبد فيه مشقة أوخشي ضررا فالفطر أفضل لماجاء عن أبي سعيد الخذري -رضي الله عنه-، قال: «كنا نغزوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنا الصائم ومنا المفطر، فلا يجد الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم، يرون أن من وجد قوة فصام فإن ذلك حسن ويرون أن من وجد ضعفا فأفطر فإن ذلك حسن» «أخرجه مسلم». شروط الفطر في السفر: هذا وإن السفر الذي يبيح الفطر في رمضان ليس على اطلاقه، بل هو مقيّد بشروط شرعية يجب مراعاتها وإلا وقع العبد في المحظور ومن هذه الشروط المبيحة للفطر في السفر: أن يكون السفر طويلا مما تقصّر فيه الصلاة ولقد روى البخاري عن ابن عباس وابن عمر: «انهما كان يقصّران ويفطران في أربعة بشرط، وهي ستة عشر فرسخا وهذا مايعادل 85 كلم بالحساب عندنا، والمسافة هنا تقدر على حسب مشقة الانسان وتعبه فإن وجد الانسان المشقة فيها أفطر فكان حسن له وإن لم يجد ذلك أمسك فكان حسن له، ثم أن هذه الرخصة تبقى قائمة حتى وإن انعدمت أسبابها وتوفر للانسان أسباب الراحة والدعة والمشقة فهي رخصة من الله والله سبحانه يحب أن تؤتى رخصة كما يجب أن توتى عزائمه. -وأن يكون السفر مباحا لاسفر معصية كسفر من العلاج أوجلب سلعة للبيع أوزيارة الأهل والأصدقاء أو السفر من أجل طلب العلم فهذا يرخص له الفطر في نهار رمضان. أما إذا كان السفر من أجل معصية كحضور حفل موسيقي ماجن أوحضور جلسة شراب أوسكر أو اختلاط بالنساء فاحش، فهذا لا يشرّع له الفطر وإن أفطر أثم مرتين، مرة بهتكه لحرمة الشهر ومرة لسفره من أجل المعاصي والموبقات. وكذلك من شروط السفر المبيح للفطر في رمضان ان يبيت المسافر نية الفطر ذلك أن النية هي مقدمة الأشياء والأعمال لا تميز إلا بالنية، هل هي لله أم لغير الله ولذلك جاء في الحديث الصحيح المشهور: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى». 2 - المرض: ومن مبيحات الصيام كذلك المرض حيث يجوز للمريض الفطر، ان خاف على نفسه زيادة المرض أو تأخر الشفاء أوحصول مرض أو وجود جهد ومشقة حاصلة جراء الصيام لقوله تعالى: ]ومن كان مريضا أوعلى سفر فعدة من أيام أخر[ «البقرة»، وهذا يتعلق بالمريض الذي يرجى برؤه وكان مرضه عارضا كاشتداد ألم الرأس أو البطن، مما استدعى ذلك القيء أو الاغماء، ففي هذه الحالة يجوز لهذا المريض الفطر على أن يقضي ما عليه من صيام بعد رمضان. إن كان المرض لا يرجى برؤه أي مرض مزمن فيستحب لذلك المريض الاطعام أو الفدية وهي أن يعطى مد لكل مسكين عن كل يوم لقوله تعالى: ]وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مساكين[ «البقرة». والفدية هنا ليست واجبة وإنما مستحبة فقط وتقدر بالنقود الجزائرية حوالي 100 دج على كل يوم يشتري طعاما ويقدم للمسكين أو يشتري له لباسا منه: 3 - الحمل: كذلك يجوز للحامل الفطر في رمضان إذا خافت على نفسها أوولدها أوشق عليها الصوم فإن الشرع رخّص لها في الفطر وإن خشيت الهلاك أو شدة المرض، وجب عليها في هذه الحالة الإفطار لأن المحافظة على النفس من أعظم ماجاء به الاسلام. 4 الرضاعة: وهي أيضا بالنسبة للمرأة المرضعة فإنه يجوز لها الافطار كالحامل بدليل حديث أنس بن مالك الكعبي، ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله عز وجل وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة وعن الحبلى والمرضع الصوم» «البخاري». فهذه بعض المبيحات للفطر وسيكون لنا مزيد بيان في أحكام الصيام ان شاء الله.