تحصلت «الشعب» على وثيقة من وزارة الصحة بالجماهيرية الليبية تتحدث عن ضحايا جرائم الناتو من 19 مارس الى جويلية 2011 وأبرز ما تضمنته وصول القائمة الى 6362 ضحية منهم 1108 فارقوا الحياة و4537 مصابا و 717 يوجدون في العناية الطبية المركزة. وحملت الاحصائيات 148 حالة وفاة لأفراد أقل من 18 سنة وحصدت طائرات الناتو أرواح 217 امراة. وتكشف هذه الحصيلة مدى همجية حلف الناتو الذي لم يزد الليبيين الا تضامنا وصمودا وهو ما جعل الكثيرين يتساءلون عن سر تحمل أبناء القائد العقيد معمر القذافي لكل هذه المحن، وهو ما جعل «الشعب» تبحث عن الحقيقة من أفواه اصحابها. يتساءل الجميع عن سر صمود ليبيا قيادة وشعبا أمام عدوان الناتو والحصار المضروب عليهم من كل الجهات، ولمعرفة خلفيات الحرب النفسية التي يتقنها الليبيون بشدة بحثت «الشعب» عن مصدر القوة النفسية التي أظهرها أحفاد عمر المختار وأبناء العقيد الليبي معمر القذافي وكذا عن الاستراتيجية المستقبلية لمواصلة التصدي والدفاع عن بلدهم في ظل الاستفزاز وسياسة الأرض المحروقة التي يعتمدها الحلفاء واستعانتهم بطرق قذرة للنيل من معنويات الليبيين الذين يتأهبون للرفع من مستويات التضامن والتآزر فيما بينهم خاصة بقرب حلول شهر رمضان المعظم. وقامت «الشعب» أولا بزيارة مستشفى الخضراء بقلب العاصمة طرابلس للاطلاع على حالة المصابين من رجال الجيش الليبي بعد الحصول على ترخيص من ادارة المستشفى وأكد لنا «ع.م» أنه أصيب في قصف للناتو بمصراتة موضحا بأن شظايا قنابل وصواريخ اخترقت رجله مبديا صبرا كبيرا داعيا الله أن يشفى في أقرب وقت للعودة الى الدفاع عن بلده، في حين طمأن «خ.ع» متطوع مع الجيش الليبي العرب والمسلمين على حال البلاد واعدا بنصر قريب. واظهر المصابون من المتطوعين والجيش الليبي قوة نفسية كبيرة مصدرها حبهم لبلادهم والتفافهم حول القيادة من أجل حماية شعبهم وأرضهم. واكدت الممرضة «ن.نعيمة» عن استقبال المئات من الجرحى المصابين بقنابل وصواريخ طائرات الناتو منذ بداية القصف وأشارت الى ان الأغلبية تعاني من حروق وكسور، وللأسف الكثير منهم فقد اطرافه. وحول ما اذا كانت القنابل والصواريخ تحمل مواد كيماوية ردت المتحدثة بان المخابر تعمل على تحليل المواد المتفجرة للتأكد من وجود مواد محظورة دوليا. وقال نفس المصدر ان مخزون الأدوية قد تناقص بعض الشيء لكن التكفل بالمصابين يبقى متواصلا والكثير منهم غادر المستشفى والبقية تتلقى العلاج بانتظام، ولمسنا في المستشفى نشاطا كبيرا من اعضاء الطاقم الطبي من أطباء وجراحين وممرضين واداريين حيث ان الجميع في حالة طوارئ للاستجابة للطلبات الخاصة بالعلاج والأشعة في مظهر يعكس مدى تضامن الليبيين فيما بينهم. ومن جهة اخرى ساهم النسيج الاجتماعي القوي لليبيا المبني على القبلية الايجابية في تشكيل رأي عام موحد حول القضية ما جعل الجميع يفهم ما يحدث وماذا عليه أن يفعل، فالمسيرات المليونية التلقائية التي حضرت «الشعب» واحدة منها أول أمس بمنطقة أبو سليم، أكبر دليل على وعي المجتمع الليبي وادراكه بالمخاطر التي تهدد بلاده، وساهم التمسك بالقيم الدينية والأخلاقية من خلال وجود الكثير من المدارس القرآنية التي تخرج على يدها أكثر من مليون حافظ ودارس للقرآن لهم تأثيرهم البالغ على الأفراد، ووقفنا على أكبر مثال وهو المكانة الكبيرة للشيخ محمد المدني الشويرفي رئيس مشايخ الجامعة الاسلامية الاسمرية الذي يساهم بالتوعية والدعم للقيادة والمصلحة العليا للبلاد وله مكانة واحترام كبيرين لدى علماء الأمة الذين لبوا نداء ليبيا لحضور الملتقى الخاص بتأثير ما يجري في ليبيا على العالم العربي والاسلامي. ومن أسباب صمود ليبيا وشعبها هو الاجماع على ضرورة رد الجميل للعقيد الليبي معمر القذافي الذي يكن له الجميع الاحترام بعد ان سخر عمره لخدمة ليبيا، ويذكر العديد من الاعلاميين الليبيين الذين التقيناهم انجازات صاحب ثورة الفاتح والمتمثلة في النهر الصناعي العملاق لتزويد مختلف مناطق ليبيا بالماء الصالح للشرب، وتمكنه من خلق توازن جهوي اقتصادي وتنموي جعل ليبيا تحتل مراتب متقدمة عالميا في التنمية البشرية وبشهادة الأممالمتحدة التي صنفت ليبيا في سنة 2010 في الرتبة ال 51 من حيث التنمية البشرية وتفوقت على العديد من البلدان وخاصة منها الخليجية. والمتجول في ليبيا يلاحظ ازدهار البناء والعمران حيث قضى القذافي على بيوت الصفيح وطور مستوى المعيشة. وفي سياق متصل جعل نظام اللجان الشعبية المجتمع الليبي يشارك في تسيير بلده وفي صنع القرار وبالتالي صنع ولاءه المطلق للقيادة، ومن الأمور التي لا يدركها الجميع هو افتخار الليبيين بانتمائهم حيث يعتبرون من أكثر الشعوب استقرارا بوطنهم بالنظر لما يتمتعون به من حقوق ومستوى معيشي راق. وبالمقابل نجحت مواقف واعمال العقيد الليبي معمر القذافي خاصة مع دول أمريكا الجنوبية وافريقيا في حشد الدعم حيث تتوالى رسائل التأييد والمؤازرة وحتى عروض المشاركة في تطهير ليبيا من المعتدين من قبل شعوب عديد الدول الافريقية وهم الذين لم تبخل عليهم ليبيا بالمساعدة المادية والدفاع عنهم في كبرى المحافل الدولية. حوالي 700 قضية قضائية ضد المتمردين ولعبت وسائل الاعلام الليبية دورا كبيرا في استقطاب الرأي العام المحلي وشده حول قضيته من خلال تسطير استراتيجية متنوعة فيها الكثير من العمل الدعائي الذي يخاطب العاطفة من خلال استعمال الكثير من الرموز الوطنية والدينية ذات التأثير الواسع والتي نجحت في احباط الدعاية المضادة من وسائل اعلام العدو وهو ما ساهم في رفع المعنويات والتكيف مع واقع العدوان. وأوضحت المحامية عفاف يوسف أنها ومحامين آخرين سيرافعون في حوالي 700 قضية موجودة على مكتب النائب العام الليبي رفعها المتضررون وضحايا المجموعات الاجرامية والعصابات في بنغازي والبريقة ومصراتة حيث قامت باغتصاب النساء وحرق ونهب الممتلكات العامة ناهيك عن عمليات التقتيل. واضافت المتحدثة ان العدالة تحقق في القضايا وقررت السلطات الليبية تخصيص محكمة خاصة بأحداث الأزمة لمعاقبة المتسببين فيها وتمكين الضحايا من حقوقهم. وحول ما اذا كانت قرارات السلطات الليبية بالعفو عن الشباب المغرر بهم سيحول دون متابعتهم قضائيا كشفت المتحدثة ان المتابعات ستكون ضد من صدر في حقهم العفو وقدموا تعهدا بعدم العودة للعصيان، فهناك من مسكتهم قوات الأمن من المتمردين وفي جيوبهم تعهدا بعدم العودة للتمرد. وأشارت المحامية في حديث خصت به «الشعب» بفندق «ريكسوس» اين يقيم الصحافيون أن محامين من فرنسا وألمانيا واسبانيا وحتى روسيا عرضوا خدماتهم على ليبيا من اجل متابعة قوات الناتو في محاكم جنائية اوروبية وخاصة الدول التي يشارك عسكريوها في قصف ليبيا، «وقد قمنا بجمع الملفات مرفقة بالصور وكل ما يثبت إدانة الناتو ونحاول مع الأمانة الشعبية العامة للعدل تقديم شكاوى للأمم المتحدة لاسترجاع حقنا وادانة هؤلاء الذين يستعملون سياسة الأرض المحروقة من خلال استهدافهم للنهر الصناعي العظيم ومستشفى الزليتن» . اتصالات مع جمعيات المجتمع المدني لتحريك الرأي العام الأوروبي والعالمي لدعم ليبيا نجحت ليبيا في فك الحصار الاعلامي من خلال السماح لمختلف وسائل الاعلام العالمية بما فيها تلك التابعة لدول مشاركة في العدوان من نقل الحقائق ومواقف نظام العقيد معمر القذافي، وتسعى ليبيا مثلما اكده مدير مكتب امين اللجنة الشعبية العامة للتعاون والخارجية السيد خالد كعيم ل «الشعب» للتركيز على تحسين العلاقات والتفتح على مختلف فعاليات المجتمع المدني والأحزاب الأوروبية التي تملك علاقات طيبة مع الجالية الليبية في مختلف أنحاء أوروبا والعالم من أجل كسب الدعم. وأضافت ناشطة ليبية أن هناك مبادرات لدعوة العديد من جمعيات المجتمع المدني من مختلف أنحاء العالم للاطلاع على ما يجري في ليبيا من خروقات وفضح الناتو امام الرأي العام العالمي. وتشير التوقعات من اوروبا الى رفض الأوربيين لما يجري في ليبيا وسيحضرون لمسيرات عملاقة للضغط على حكوماتهم من أجل وقف العدوان على ليبيا وفتح المجال لباب الحوار . وقد دعا أكثر من 27 عالم دين وداعية الى نصرة شعب ليبيا وقيادته مؤكدين بان الضحايا كلهم شهداء وأن شروط الجهاد متوفرة للذود عن دماء وأرض المسلمين امام العدوان الصليبي وقد تقاطع العالم السعودي حمود ابن نافع العنزي والداعية اللبناني محمد الزعبي والجزائري علي عية والليبي محمد المدني الشويرفي حول ضرورة نصرة ليبيا شعبا وقيادة موضحين أن السكوت على ما يحدث ليس من شيم المسلمين والعرب محذرين من مغبة الولاء للكفار والمشركين. وطالبوا المجتمعات العربية بضرورة العودة للدين وتفادي الاندفاع غير المسؤول والمطالبة بامور تتجاوز المنطق والعقل، وجددوا الدعوة لعدم الخروج على طاعة الحاكم لأن ذلك سيجلب التهلكة أكثر من المنفعة .