يواصل المجلس الأعلى للغة العربية مواكبته لقضايا العصر والتحولات التي يشهدها العالم، وعدم الانطواء على مواضيع مكررة مجترّة.. من الأمثلة على ذلك، الملتقى الوطني الذي ينظمه المجلس والذي انطلق، أمس الإثنين، بالمكتبة الوطنية بالحامة، تحت عنوان «تحدّي الرّقمنة باللّغة العربيّة»، في محاولة للربط بين المتطلبات اللغوية واللسانية من جهة، ومتطلبات العصر والثورة الرقمية والتكنولوجية من جهة أخرى. ينظم المجلس الأعلى للّغة العربيّة، على مدار يومين اثنين، ملتقى وطنيّا حول تحدّي الرّقمنة باللّغة العربيّة. وقد اتخذت منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة «يونيسكو UNESCO» سنة 2018 شعارها السّنويّ لتطوير اللّغة العربيّة عُنواناً موسوماً (اللّغة العربيّة والتّقانات الجديدة)، واستكمالاً لذات المشروع التّطوري وأوصت بأن تُعقد مؤتمرات ومُلتقيات وندوات المجامع الّلغوية والمجالس اللّغوية أعمالاً بعنوان (تحدّي الرّقمنة باللّغة العربيّة). من أجل ذلك، رأى المجلس الأعلى للّغة العربيّة، أن يعقد ملتقى بذات العنوان، بُغية «استكناه خبايا علميّة تكنزها خصائص الّلغة العربيّة، واستكمالاً لموضوع سنة 2018». يأتي هذا الملتقى في وقت يشهد عالم اليوم نمواً سريعاً تراتُبيّاً في عالم المعرفة المنتجة لمجتمع المعرفة، هذه المعرفة التي باتت تباع كسلعة باهظة الثّمن، «وبحكم التّضخّم التّكنولوجيّ الّذي يزخر به عالم اليوم، فإنّه لا مناص من دخول عالم التّقانة باللّغة الأمّ، ولا يكون التطوّر العلميّ والاقتصاديّ إلاّ بالاهتمام بها وفي ذاتها، وهذا ما يرومه المجلس الأعلى للّغة العربيّة في مشاريعه وملتقياته وندواته وهذا ما يستهدفه من خلال المنجزات العلميّة لهذه السّنة، بأن تكون العربيّة لها مواقع مُتقدّمة». إلى جانب هذا الهدف الرئيس، يرمي المجلس، من خلال هذا الملتقى وما شابهه، إلى جعل اللغة العربية وسيلة للبحث العلميّ، والنّهوض بها لتبلغ مكانتها بين اللّغات الأخرى، وإعداد نخبة بشريّة متميزة تقنياً وفنياً لمواجهة تحدّيات الرّقمنة، ورقمنة مُحتوياتها وجعلها في المحتوى الرّقميّ، وكذا التّعرف على المبادرات والمشاريع الإستراتيجية في مجال الرّقمنة، وبالتّالي تطوير وإثراء المحتوى الرقميّ على الشّابكة، وبناء قاعدة تحتيّة لحضورها على الشاّبكة. تجدر الإشارة إلى أن الموضوع الرئيسي لليوم العالمي للغة العربيّة سنة 2017 «اللغة العربية والتكنولوجيات الجديدة»، الذي احتفت به منظمة اليونسكو، كان قد مثّل دعوة مفتوحة للمشاركين وصناع القرار للتفكير بشأن أفضل الممارسات لتعزيز اللغة العربية في العالم الرقمي والمنصات التقنية. كان الهدف من ذلك الإقرار بالمساهمة الجليلة الهائلة للغة العربيّة في إثراء العلوم والثقافة العالمية، ومنها الفلسفة والآداب والفنون. وتعدّ اللغة العربيّة إحدى اللغات الأكثر انتشاراً واستخداماً في العالم، إذ تعدّ اللغة الأم لما يزيد عن 290 مليون نسمة، كما قد بلغ ملايين من الأشخاص الآخرين مستوى التحدّث بها بطلاقة. كما تعتبر واحدة من أصل خمس لغات الأكثر انتشارا في العالم.