فتحت جمعية الثامن ماي 45 ملف مجازر أكتوبر61 مقدمة شهادات حية عن الذين عايشوا الحدث بقلب العاصمة الفرنسية في زمن الاحتلال المرير للجزائر، وأعادت إلى الأذهان السؤال المحير متى تعترف فرنسا بجرائمها في الجزائر، وهي جرائم فاقت حدة تلك التي ارتكبتها ألمانيا النازية للفكر والثقافة. وأكدت الندوة التاريخية التي نظمتها الجمعية صباح الخميس بقاعة السينما االجزائريةب، بالتعاون مع الرابطة الجزائرية للفكر والثقافة، أن اعتراف الدولة الفرنسية بجرائمها ضد الإنسانية بالجزائر لا يمكن أن يقتصر على مجازر أكتوبر وحدها لكن كل الجرائم المرتكبة ببرودة دم طيلة الاحتلال، وهي جرائم يتذكرها بتلذذ من اقترفوها وذكر بهذا الأمر، خير الدين بوخريصة رئيس جمعية الثامن ماي، وقال في الندوة التي عنونت ب اإستشارة قانونية حول محاكمة موريس بابونب ، أن مجازر 17 أكتوبر لم تنل حقها من العناية والاهتمام رغم شراستها، ونجحت الجمعية في دغدغة الضمائر وتحريك المشاريع بالتأكيد الصريح أن الجرائم الفرنسية ضد الإنسانية المرتكبة بالجزائر لن تمر مرور الكرام، ولن تبقى بلا متابعة قضائية. وتحدث بوخريصة عن العريضة التي رفعتها الجمعية ضد السفاح بابون، وإيصال الملف إلى المحكمة الدولية، وتكشف عن التفاصيل في كتاب تصدره حول الجرائم الفرنسية المقترفة ببشاعة ووحشية في حق الجزائريين طيلة ليل الاستعمار الطويل. من جهته، أكد عبد الحميد اسكندر أمين عام الرابطة الجزائرية للفكر والقلم، أن عدد ضحايا مجزرة أكتوبر يفوق بكثير العدد المقدم من السلطات الفرنسية التي تتمادي في تغليط الرأي العام وتغييب الحقيقة. وقال اسكندر انه من الواجب بمكان أن فرنسا بهذه المجازر الفظيعة وتقدم للجزائريين اعتذارا رسميا وتقر بما اقترفته في حقهم من مجازر وتجاوزات وإبادة جماعية عبر مختلف طور الاستعمار، وبعد أن ابرز أهمية الندوة التاريخية المنظمة في إطار إحياء الذكرى السابعة والأربعين ليوم الهجرة الذي يعرف بيوم التلاحم بين أبناء الوطن الواحد في الداخل والخارج وحمل رسالة التحرر، أكد أن من واجب الذاكرة الجماعية التعرف على حقيقة ما جرى في حق مئات المتظاهرين الجزائريين الذين خرجوا في مظاهرات سلمية وسط باريس محركين المشاعر ملفتين انتباه الرأي العام الفرنسي بان هناك ثورة تحريرية في الجزائر التي هي ابعد ما تكون من مجرد انتفاضة وحركة تململ وغضب يثيرها ا قطاع الطرقب ، لكن ثورة منظمة حاملة مشعل الحرية والسيادة والاستقلال. شهادات من عمق الجرح وقدمت السيدة عقيلة وارد التي نشطت الندوة إلى جانب كمال بوقصة محامي وأستاذ جامعي، صورة دقيقة عن مجريات مجزرة أكتوبر وقائعها وانعكاساتها وتعجيلها بالاستقلال الوطني. وقالت السيدة وارد مجاهدة بفيدرالية فرنسا أيام الثورة وعاشت الأحداث من الداخل، أن القمع الفرنسي بلغ ذروته في هذا الظرف، ولم يتمالك البوليس نفسه في الزج بنهر السين الباريسي مئات الوطنيين المتظاهرين سلميا ليلا، ضد تعليمة محافظ الشرطة موريس بابون الخاصة بحذر تجول الجزائريين من الثامنة ليلا إلى الخامسة صباحا. وبلغت الوحشية أوجها بإطلاق البوليس النار على الجزائريين المحاصرين، وقتل الجرحى وهم في الطريق إلى المستشفى لتلقي العلاج الأنسب وتساءلت المتحدثة في عرض شهادتها الحية عن المجزرة أين هي حقوق الإنسان التي وعدت بفرنسا باحترامها حتى النخاع والقداسة؟، وإلتزمت بالحرص عليها في كل الظروف والأحوال غداة التوقيع على الإعلان العالمي؟، وأجابت السيدة وارد وهي مناضلة حقوقية ورئيسة جمعية الدفاع وترقية حقوق المرأة، أن هذا الأمر لا يعدو أن يكون مجرد كلام في كلام. وذكر المحامي كمال بوقصة في قراءة تاريخية لمجزرة أكتوبر، بأن تعذيب الجزائريين تجاوز المعقول، ولم تنل المجازر حقها الكامل، وتسلط الضوء على ما جرى وكم عدد الضحايا بالضبط، وقال أن الصورة تكتمل والحقيقة تسطع بفتح الأرشيف الفرنسي وأرشيف فيدرالية الجزائربفرنسا. وذهب تومي أستاذ التاريخ إلى الأبعد في إثارة النقاش حول الملف وطرح الإشكالية القائمة متى تعترف فرنسا بجرائمها، وقال تومي وهو عضو بجمعية الثامن ماي، أن الاعتراف يخص كل الجرائم المرتكبة على مدار قرن ونصف القرن. ودعم هذا الموقف عبدالله علواش عضو الرابطة الجزائرية للفكر والثقافة، وفصل متدخل آخر في الجدل بالقول الصريح ا أننا نتحدث عن اعتذار فرنسا ونجهل مطالبتها بالتعويضاتا . ------------------------------------------------------------------------