يقوم الرئيس التونسي قيس سعيد، بزيارة إلى الجزائر، اليوم، ينتظر أن تثمر الكثير في مجالات اقتصادية وأمنية وانسجام المواقف من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وبالأخص دفع التعاون المغاربي والوضع في ليبيا. الجزائر هي أول محطة لقيس سعيّد منذ توليه السلطة، وتعكس أحد التزاماته في السياسة الخارجية، والمتمثلة في «التضامن وحسن الجوار والتكامل الجهوي، تجسيدا لوعود انتخابية أطلقها قبل توليه رئاسة الجمهورية التونسية، منتصف أكتوبر من السنة الماضية، حيث تعهد في مناظرة تلفزيونية بأن «أول بلد سيزوره هو الجزائر، نظرا للأهمية الإستراتيجية والتاريخية بين البلدين». اجتاز البلدان سنة 2019، مرحلة انتقالية دستورية، توّجت بانتخابات ديمقراطية أفرزت رئيسين منتخبين شعبيا، وتمكنا خلال السنوات الماضية بفضل التنسيق والتشاور من تفادي الوقوع في دوامة اللاإستقرار، خاصة بعد أحداث سنة 2011 في المنطقة العربية. وتشكل التنمية الاقتصادية المستدامة، أولوية الدولتين، كونها من أهم التطلعات المشروعة لكلا الشعبين، مما يحتم وضع آليات تعاون اقتصادي أكثر نجاعة، تسمح برفع حجم المبادلات وخلق فرص عمل إضافية وتمهيد الطريق نحو تكامل مثمر. تتقاسم الجزائر وتونس «همّ» المعضلة الأمنية في ليبيا، نظرا للتماس الحدودي مع هذه الدولة الشقيقة، التي أنهكتها الحرب والتدخلات الأجنبية منذ 9 سنوات، وهو انشغال جزائري تونسي موحد من أجل التوصل إلى جمع الفرقاء الليبيين حول طاولة الحوار الشامل الذي يؤدي إلى تسوية سياسية للأزمة. وأعلن الرئيس التونسي في حواره الأخير مع التلفزيون الرسمي لبلده، بمناسبة مرور 99 يوما على توليه مقاليد الحكم، بأنه يقاسم «الجزائر موقفها الرافض للتدخلات الأجنبية والعسكرية في ليبيا» ويؤمن «بالحل السلمي القائم على الحوار بين الليبيين وحدهم». من جهتها، رافعت الجزائر لإرساء قاعدة الحل السلمي في ليبيا، يتولاه الفرقاء بعيدا عن أي تدخل خارجي يزيد من تعميق معاناة الشعب الليبي ومن بعده دول الجوار. وستتيح الزيارة أيضا، تقييم التنسيق الأمني وإعطائه دفعا أقوى في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.