يعدّ قرار إنشاء فريق جبهة التحرير الوطني عام 1958 دعما كبيرا للثورة التحريرية، ولأنّ عبد الحميد زوبا كان من اللاّعبين الذين لبّوا نداء جبهة التحرير وقتها، اتّصلنا به وحدّثنا عن الفريق ومسيرته. ❊ الشعب: كيف علمتم بالفكرة؟ ❊ عبد الحميد زوبا: وصلتني رسالة في شهر أفريل 1958 إلى منزلي، مدوّن عليها أنّ جبهة التحرير الوطني ستنشئ فريقا لكرة القدم مكوّن من لاعبين محترفين ينشطون في فرنسا، وأنّه عندي موعد مع شخص سيشرح لي الفكرة جيدا في إحدى المقاهي على الساعة الثانية عشرة ظهرا، تنقّلت يوم الموعد في المكان المحدد وانتظرت هناك ساعة ونصف، بعدها تقرّب منّي أحد الأشخاص من الذين كانوا متواجدين في المقهى منذ دخولي، حيث كان يراقب إن جئت وحدي، بعدها أكّد لي بأنّ الجبهة قرّرت بأن تنشئ فريق كرة قدم يحمل اسمها، وأنا وكل أصدقائي في البطولة الفرنسية علينا ترك كل ما لدينا في فرنسا والذهاب إلى تونس لتأسيس الفريق، وأعطى لي موعدا في العاصمة باريس في مقهى اسمها Le départ بساحة (Place Saint Michel)، فذهبت يوم الموعد ووجدت كل أصدقائي هناك، ولم ألتق بالرجل الذي طرح عليّ الفكرة في المرة الأولى إلى يومنا، وقمنا باجتماع هناك وكان لكل واحد منّا طريقه فقسّمنا إلى مجموعات، المجموعة التي كنت فيها ذهبت لبلجيكا، وذهبنا إلى العنوان الذي قدّم لنا، تناولنا وجبة الفطور وخرجنا مباشرة إلى محطة القطار، إلى ايطاليا عبر روما، ثم بعدها دخلنا إلى تونس. ❊ من سنة 1958 إلى الاستقلال لعبتم ما يعادل ال 80 مباراة في عدة بلدان من العالم، كيف كانت التجربة؟ ❊❊ بدأنا العمل ولعبنا حوالي 80 مباراة، وكانت لنا عدة محطات في (3) قارات، إفريقيا، أوروبا وآسيا، في أكثر من 14 دولة على غرار عدة بلدان عربية مثل العراق، سوريا، السعودية، تونس، المغرب، ليبيا، الأردن وبلدان أوروبية في مقدمتها الاتحاد السوفياتي آنذاك، بلغاريا، المجر، بولونيارومانيا، تشيكوسلوفاكيا، يوغوسلافيا، وفي آسيا لعبنا في الصين والفيتنام. كما نلعب المباريات وندخل بعدها إلى تونس، وفي تونس لم نكن مجرد لاعبين محترفين في فريق اسمه جبهة التحرير، كنّا ندرس وأصبحنا مناضلين لأنّ مواجهتنا كان لها هدف، وكانت بمثابة الإعانة للرجال الذين كانوا يكافحون في الجزائر وطريقة للتعريف بالقضية الجزائرية، خاصة أنّنا كنّا نلعب في عواصم المدن بملابس تحمل العلم الوطني، وقبل كل مواجهة يعزف فيها النشيد الوطني، وفي البلدان الأوروبية، كنا نلعب من أجل جلب تعاطفهم لنا، وكانت وقتها وسيلة للتقرب منها وردا على أكاذيب فرنسا الاستعمارية، وأثبتنا للعالم أنّ الجزائري يعي جيدا ما يريد. ❊ وبعد الاستقلال ماذا فعلتم؟ وأين توجّهتم؟ ❊❊ بعد الاستقلال من 62 إلى غاية 66 ذهبت إلى سويسرا وكنت لاعبا ومدربا في فريق FC Granges، وفي سنة 66 عدت إلى الجزائر وعلمت على تقديم كل الخبرة التي كانت بحوزتي، التي مكنّتني أنا وكل الذين لعبوا إلى جانبي في جبهة التحرير من الظفر بعدة ألقاب على غرار مخلوفي، كرمالي في سطيف ومعوش في بلعباس، حيث تحصلنا على عدة ألقاب مع الفرق، وقمنا بالعمل القاعدي الذي لا نراه حاليا في فرقنا، وتمكّنا وقتها من جلب روح الاحتراف، عكس ما نشاهده الآن مدرّبون هوّاة يدرّبون لاعبين محترفين. وشخصيا أنا جدّ فخور بالظفر بثلاثية في موسم واحد، يقال بأنّ مولودية الجزائر 1976 أول فريق تحصّل على ثلاثة ألقاب في موسم واحد بنيل الكأس والبطولة وكأس إفريقيا للفرق البطلة، بطريقة لعب راقية، وحقيقة هو شرف لي بالدرجة الأولى، خاصة أنّه في ذلك الوقت كانت الصحف تكتب علينا بعناوين “المولودية لا تقاوم”، “المولودية الامبراطورية”، “من سيوقف المولودية؟”. ❊ وكيف كانت طريقة عملكم في الفرق وقتها؟ ❊❊ كانت جد صعبة لأنّ المدرب هو كل شيء، هو المدرب، مدرب الحراس، والمدرب الأجنبي، كنّا نقوم بكل شيء، لكن كانت هناك إرادة وحب في العمل، وهو ما مكّنني من بلوغ العارضة الفنية للمنتخب الوطني 6 مرات، الأولى كانت سنة 71 والأخيرة سنة 2004 بتأهل الجزائر إلى كأس إفريقيا بتونس. ❊ قمتم رفقة زملائكم في فريق جبهة التحرير الوطني بإنشاء مدارس لكرة القدم، حدّثونا عنها؟ ❊❊ قمنا بإنشاء مدارس كرة القدم عددها الآن 24 مدرسة لشريحة 10 إلى 12 سنة، لتكوين الشباب كي يتعلم اللاعب الاحتراف منذ الصفر، وهدفها إظهار القدرات التي يتمتّع بها اللاعب الجزائري، الذي سيكون بعد 10 سنوات لاعبا في الفريق الوطني، لأنّنا بصراحة سئمنا سماع أنّ الجزائر تبحث عن لاعبين مزدوجي الجنسية، نريد لاعبين من الجزائر لتشريف الألوان الوطنية وبعدها ستكون المنافسة بين المكوّنين في الجزئر والمحترفين. ❊ هل لديكم مشروع لتعميم المدارس على مستوى 48 ولاية؟ ❊❊ بطبيعة الحال، في الأشهر القليلة سنضيف 10 مدارس إلى غاية توفير مدرسة في كل ولاية. ❊ وما الهدف من تنظيم دورة غليزان؟ ❊❊ الاحتفال بيوم إنشاء فريق جبهة التحرير، والوقوف على العمل الذي وصلت إليه كل مدرسة من السنة الماضية. ❊ قدّمتم الكثير للكرة الجزائرية، ما هي كلمتكم الأخيرة؟ ❊❊ أشكرك على هذا الاهتمام، أقول لك بأنّي كنت دائما في خدمة الجزائر والكرة الجزائرية، وسأظل تحت تصرف وطني.