القاعدة القانونية محور كل السلطات ومعيار الشرعية قالت الدكتورة بكلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة معسكر،الدكتورة سعاد يحياوي والمختصة في القانون الدستوري ، أن القراءة الأولية للأحكام المنظمة للمحكمة الدستورية بمسودة مشروع الدستور توحي بدخول الجزائر عهدا جديدا من الشرعية، التي تحترم فيها الرقابة الدستورية وتؤدي عملها دون تدخل أو رقابة عليها. أوضحت يحياوي ل»الشعب»،أن المشرع الدستوري توخى منهجا مخالفا للدساتير السابقة عند تنظيمه للرقابة على دستورية القوانين ، باعترافه بوجود قاض دستوري بمعنى الكلمة، مكلف بتجسيد وتكريس دولة القانون، الدولة المطبقة للشرعية الدستورية، الضامنة لسيادة القانون على سلطات الدولة ، أين يتم تنظيم السلطة وضمان ممارسة أعمالها في إطار المشروعية، وذلك من خلال دعم القضاء - المجسد في المحكمة الدستورية - لمبدأ الشرعية الدستورية خلال استقلاله لتصبح القاعدة القانونية محورا لكل السلطات بالدولة . وأضافت الدكتورة يحياوي سعاد ،أن إشكالية مدى تمكن المشرع من ضمان استقلالية وشفافية المحكمة الدستورية - والتي تتحقق من خلالها الشرعية الدستورية - تتجلى في التأكيد على استقلالية المحكمة الدستورية تجاه جميع السلطات التشريعية، التنفيذية والقضائية . و جاء ذلك حسب المتحدثة في فصل دستوري خاص ضمن الباب الرابع المتعلق بمؤسسات الرقابة ، و فصل مستقل خاص بالقضاء ، يظهر تمييز المحكمة الدستورية عن القضاء باعتبارها تقع خارج التنظيم القضائي ولا تشكل جزءا من أي صنف من أصنافه، تأكيدا على استقلاليتها تجاه جميع السلطات التشريعية، التنفيذية والقضائية وتأكيدا على تمتع قراراتها بالحجية المطلقة ،و اكتسابها قوة الشيء المقضي به تجاه جميع السلطات، وهي غير قابلة لأي صورة من صور الطعن لاسيما في الفقرة 4 من المادة 206 و207 من المشروع ، وتؤكد تمتعها بالاستقلالية الإدارية والمالية في البند الثالث من المادة 193 . الاستقلال المالي ضمانة الممارسة القضائية كما لفتت الدكتورة يحياوي ، انه كان من الواجب ان تكون المحكمة الدستورية مستقلة في الجانب المالي قدر الإمكان عن السلطتين التشريعية والتنفيذية على غرار وزير العدل أو وزير المالية ، و لتحقيق ذلك ترى المتحدثة أنه لابد من تمكين رئيس المحكمة من جميع الامتيازات التي تخوله إعداد ميزانيتها و مراقبتها دون تدخل السلطة التنفيذية وهذا ما يعتبر واحدا من ضمانات استقلالية المحكمة الدستورية. وأشارت الدستورية الى تركيبة المحكمة المنصوص عليها في المادة 194 ، التي تبين رغبة المشرع الدستوري في تحقيق توازن يتناسب مع السياق الذي ستندرج فيه، حيث تتكون المحكمة من 12 عضوا ذوي خبرة وكفاءة قانونية ،يشترط فيهم عدم الانتماء الحزبي وانعدام الصفة البرلمانية في الأعضاء المعينين من السلطة التشريعية، تأكيدا لاستقلالية وشفافية عمل المحكمة الدستورية ، و عدم انفراد سلطة واحدة في اختيار قضاة المحكمة الدستورية ضمانا لاستقلالية وحياد المحكمة الدستورية ، باستثناء سلطة رئيس الجمهورية في تعيين رئيس المحكمة التي من شأنها أن تمس باستقلالية المحكمة وشفافية عملها . واقترحت أن يتم تعيين رئيس المحكمة من طرف رئيس الجمهورية من بين جميع الأعضاء الذين تتشكل منهم المحكمة دون تمييز بينهم ،بحسب مصدر تعيينهم أو انتخاب الرئيس من طرف و من بين أعضاء المحكمة الدستورية ،بالاضافة الى اقتراح تعيين نائب رئيس المحكمة الدستورية بنفس الطريقة التي يعين بها الرئيس. إبعاد التأثير السياسي عن المحكمة الدستورية.. وأوضحت الدكتورة يحياوي ان المشرع الدستوري حرص على تزويد المحكمة الدستورية بمختصين في القانون ذوي خبرة وكفاءة عالية تجسيدا للاستقلالية والشفافية ،حيث نص المشرع الدستوري بالمادة 195 من مشروع الدستور - حسب المتحدث على مجموعة من الشروط التي تميزت بالصرامة . و يهدف ذلك إلى ضبط معايير موضوعية معتمدة في عملية التعيين والانتخاب لاسيما ما يتعلق باشتراطه التمتع بخبرة قانونية قدرها 15 سنة على الأقل في التعليم العالي برتبة بروفيسور، وفي القضاء وفي مهنة المحاماة لدى المحكمة العليا أو لدى مجلس الدولة أو وظيفة سامية في الدولة ،بالنسبة لعضوية المحكمة الدستورية. و يؤكد ذلك، على حد قول د. يحياوي، طبيعة الرقابة التي تجريها المحكمة الدستورية ، التي تعتبر رقابة قانونية محضة ،نابعة عن تشكيلة قضائية بعيدة كل البعد عن التأثير السياسي شرط احترام أعضائها واجباتهم مقابل التمتع بكل الضمانات المقررة لهم ، المنصوص عليها في المادة 197 من مشروع الدستور ،على غرار تمتع أعضاء المحكمة الدستورية بحصانة في الأعمال المرتبطة بممارسة مهامهم ضد التبعات الجزائية ،بهدف ضمان عدم تعرضهم لضغوطات أو محاولات لإقصائهم باتهامهم باطلا باقتراف جرائم، فلا يمكن متابعة عضو المحكمة أو إيقافه بصفة مطلقة متى تعلقت بالأعمال المرتبطة بممارسة مهامه . و اقترحت المختصة في القانون الدستوري إدراج شرط تقييد أعضاء المحكمة الدستورية بمقتضيات واجب التحفظ ،وذلك بالامتناع عن إتيان كل ما من شأنه أن ينال من استقلاليتهم وحيادهم ونزاهتهم و إلزامهم بالتصريح بمكاسبهم و ممتلكاتهم ،تعزيزا لنزاهة القضاة وثقة المواطنين فيهم . كما دعت الدكتورة يحياوي، الى وجوب تعليل القرارات بتبيان جميع الأسباب القانونية والواقعية المبررة لقرارات المحكمة الدستورية ، لفهم المنطق الذي توخته المحكمة وذلك تجسيدا لنظرية الظاهر في رؤية العدالة وتحقيق عدالة مفهومة.