التحالفات الحزبية أثبتت فشلا ذريعا في التشريعيات، ولم تنجح في أن تكون قوة اقتراح، ولا من تبوإ موقع في الساحة السياسية. مع عودة كل انتخابات تشريعية، يعود طرح التحالفات من قبل قادة أحزاب، يعوّلون عليها في الحصول على تمثيل يحفظ ماء الوجه بالمجلس الشعبي الوطني. لم تنجح التحالفات بين أحزاب التيار الوطني، ولا الأحزاب المنتمية للتيار الإسلامي، في تجربتين مختلفتين، إذ كانت الأولى في شكل التفاف حول برنامج رئيس، فيما كانت الثانية تكتلا تخوض فيه أحزاب معترك التشريعيات. ولعل القاسم المشترك بين التجربتين أنهما جمعتا ثلاث تشكيلات سياسية في بدايتها، أجّل قادتها طموحاتهم السياسية، جامحين رغبتهم في ولوج أعلى المناصب، ورضوا بتقاسم المراتب الأولى في الغرفة السفلى، لأنها ضمنت لهم الأغلبية ومشاركة في الجهاز التنفيذي. قادة الأحزاب الذين قدموا طموحهم السياسي قربانا لضمان موقعهم في الساحة السياسية عموما، لم يقووا على هزم «أنانيتهم السياسية»، فكانت حجر عثرة، فلا هم ربحوا قواعدهم، ولا هم كسبوا ثقة واحترام المواطن، فكانت النتيجة الحتمية خروجهم صاغرين من معترك الممارسة السياسية. السؤال الذي يطرح نفسه اليوم، والطبقة السياسية تستعد لتشريعيات جوان المقبل، هل من الحكمة خوض الانتخابات تحت لواء تحالفات، والأهم من ذلك هل الطرح قابل للتجسيد، على ضوء ما تشهده بيوتهم، أم أن الحكمة في الذهاب إلى الناخبين فرادى، لإقناعهم بالتغيير وبجزائر أفضل، تتجسد بالعودة إلى الممارسة الحقيقية، وفق قواعد اللعبة السياسية. العبرة بالخواتيم، وتجارب التحالفات الحزبية أثبتت فشلها، لاصطدامها بأنانية مشروعة في حقل الممارسة السياسية، ذلك أن قاموس التنافس السياسي ببساطة، لا يحمل ضمن مصطلحاته «الانصهار»، ولا «المصلحة الجماعية»، وأن التحالف يحمل في طياته خلطة اندثاره، ولا يصمد أمام الأنانية.