في إطار محاربة آفة النسيان التي استشرت في مجتمعنا، إلى درجة أنّنا أصبحنا نطلق عليها (ثقافة)، بعدما طالت كل المعالم والرموز؟ فالكثير من علماء الجزائر ومشايخها وعلمائها طالتهم هذه (الثقافة)، بالرغم من أن صيتهم وسمعتهم تعديا حدود الجزائر، بل إنّ الكثير منهم تحوّلوا الى مراجع يُعاد إليهم ويُعتدّ بأقوالهم ومواقفهم في مختلف دول العالم، بينما لا يعرف تاريخهم، مواقفهم ومآثرهم الكثير من الجزائريين، خاصة الشباب الذين أصبحوا يبحثون عن القدوة بعيدا، لأن - باعتقادهم - الجزائر عاقر، بينما هي من أنجبت نخبة متنوّرة من خيرة العلماء والمشايخ من أمثال الشيخ والمجاهد أحمد حماني الذي كان موضوع الندوة الفكرية التي احتضنها المجلس الإسلامي الأعلى، أمس، بمقرّه ببن عكنون. الندوة، جاءت بمبادرة من جمعية مشعل الشهيد في إطار سلسلة ندوات «منتدى الذاكرة»، الذي تنظمه الجمعية من أجل الحفاظ على الذاكرة الوطنية بمختلف أبعادها، حضرها كل من مستشار رئيس الجمهورية عبد المجيد شيخي والأمين العام لوزارة المجاهدين ونخبة من طلبة ورفقاء الشيخ حماني الذين تداولوا على المنصة للإدلاء بشهادتهم حول مفتي الجزائر سابقا، من بينهم تلميذه ورفيقه الأستاذ محمد الصغير لعلام الذي استفاض في ذكر مواقف عايشها مع الشيخ حماني –رحمه الله. الندوة التي أدارها عضو المجلس الإسلامي الأعلى وعضو مجلس الفتوى، الدكتور كمال بوزيدي، استهلت بآيات بيّنات من الذكر الحكيم، من أداء إمام مسجد الشيخ أحمد حماني بالعاصمة، ليفتتحها بعد ذلك رئيس المجلس الدكتور بوعبد الله غلام الله، تحدّث خلالها عن الشيخ حماني – رحمه الله- الذي قال بأنّه تتلمذ على يديه. كما ذكّر غلام الله بمناقب وأخلاق الرئيس السابق للمجلس الإسلامي الأعلى، مؤكدا أنّ المجلس يعكف على جمع وطباعة فتاوى المرحوم أحمد حماني وهذا ما أكّد عليه الأمين العام للمجلس، الذي أردف أنّ المشروع قد انطلق فعلا من أجل إصدار منشور يضمّ كل فتاوى الشيخ حماني. من ناحيته أدلى عبد المجيد شيخي بشهادة عن والده الذي عايش الشيخ حماني عندما تم الترخيص له من طرف الاستعمار الفرنسي ليؤمّ المساجين في معتقل تازولت - لامبيز سابقا. أكّد عضو المجلس الإسلامي الأعلى كمال بوزيدي، أن الشيخ أحمد حماني –رحمه الله- كان أوّل مفتي من بين مشايخ وعلماء كل الدول الإسلامية والعربية الذي أفتى بجواز زراعة الأعضاء وهذا ما يؤكّد – بحسبه- بُعد نظر وقدرة الشيخ حماني على تكييف الفتوى مع المعطيات المستجدة ومع مقاصد الشريعة الإسلامية وفي مقدمتها حفظ النفس وهذا ما أكّد عليه كذلك رئيس المجلس بوعبد الله غلام الله، الذي قال بأنّ الشيخ حماني كان تقدّميّ الفكر.