تتميز الأجواء الرمضانية في ورقلة على غرار الكثير من الولايات بطعم خاص يُؤذن بقرب شهر الخير، فعلى بعد أيام ومسافات، تعبق رائحة رمضان الأزقة العتيقة هنا. في ورقلة، عرفت التحضيرات لرمضان منذ شهر رجب لدى الأمهات خاصة، لأن المرأة كما هو متعارف عليه، تهتم أكثر بهذه الاستعدادات وخاصة المرتبطة منها بالطاولة الرمضانية، مثل شربة الفريك أو القمح أو الشعير والتوابل والتي تأخذ بعض الوقت، لأن الأمهات تقتنيهم وتنقيهم وتغسلهم وتجفّفهم وبعد ذلك، توجههم لعملية الطحن، ثم الغربلة ولحدّ الآن مازالت بعض العائلات، تستعمل الطاحونة اليدوية التقليدية في بيتها. ونظرا للاهتمام الذي توليه النساء للتوابل التي تضفي نكهة خاصة على الأطباق الرمضانية، فإن الكثيرات مازلن يفضلن تحضيرها بأنفسهن في البيت، كما تتزين محلات العطارة وتتحوّل واجهاتها إلى لوحات فنية ملونة، بمختلف التوابل والبهارات كعنصر من عناصر الجذب بالإضافة إلى رائحتها التي تعبق الأزقة العتيقة في قصر ورقلة والعديد من الأحياء التي تتواجد بها هذه المحلات والتي تستقطب، من خلالها أعدادا هائلة من الزبائن بصفة يومية ومستمرة، تصاحبها حركية تجارية، طيلة أيام هذا الشهر الفضيل. كذلك تُحول العديد من محلات الأواني بورقلة، قسما كبيرا منها إلى أجنحة خاصة بعرض الأواني الفخارية التي تعرف تجارتها انتعاشا كبيرا، بفعل الإقبال غير المعهود الذي تسجّله قبل أيام من شهر رمضان الفضيل وعلى مدار الشهر أيضا، حتى واجهات المحلات وتتغير كما لو كانت جزءا من معارض للأواني الفخارية على ناصية الطرقات، تلبية للطلب الكبير الذي تشهده هذه النوعية من الأواني بورقلة، ففي هذا الشهر الكريم، تلبس المطابخ كل عام حلتها التقليدية الأصيلة، حيث تحوّلها الأواني الفخارية إلى شبه متاحف مصغرة معبقة بعطر الزمن الأصيل، وبالنسبة للعديد من الأمهات فإنهم على موعد في هذه الفترة من كل سنة كل حسب إمكاناته المادية مع شراء أواني جديدة تزين موائدهن وتعطيهن دفعا وتجديدا كما تمنحهن مساحة أيضا، للمساهمة في الحفاظ على الأصالة من خلال تحضير الأطباق الرمضانية. تبادل الزيارات العائلية وترتبط أجواء رمضان ارتباطا وثيقا بإحياء مجموع العادات والتقاليد، حيث يوفر الشهر الفضيل أيضا مساحة للعودة إلى كنف العائلة والتجمعات العائلية وتبادل الزيارات بين الأهل والأقارب، تعزيزا للروابط العائلية وصلة الرحم لما تحمله من أثر كبير في مساعي إصلاح ذات البين في هذه الأيام المباركة. وإن كانت بعض العادات تعرف تراجعا في الاهتمام بإحيائها، إلا أن الكثير من العائلات لازالت تتمسّك بضرورة تبادل الزيارات العائلية وقضاء السهرات الرمضانية في جو عائلي، بالإضافة إلى الحرص على مشاركة الفطور مع الأقارب والأصدقاء كلما سمحت الفرصة بذلك. كما تحضر بقوة في مثل هذه اللقاءات، مختلف الأطباق والحلويات التقليدية ويعدّ تبادل الأطباق بين الأهل والجيران عادة حميدة، مازالت تلقى رواجا واهتماما خاصة في رمضان. أجواء روحانية ولأن شهر رمضان يعدّ فرصة للعودة للذات ولأداء عبادات الصيام وقراءة القرآن والتنافس على عمل البر والخير، فإن الأجواء الروحانية التي تشهدها ورقلة خاصة جدا هذه السنة مع عودة المصلين لرحاب المساجد، من أجل أداء صلاة التراويح بعد أن غيّبتهم عنها إجراءات كوفيد الاحترازية خلال السنة الماضية، ويجد الكثيرون هنا في شهر رمضان، فرصة لا تعوّض للالتزام بأداء الصلوات وصلاة التراويح في المساجد وقراءة ما تيسر من القرآن والسعي لعمل الخير وأداء مختلف العبادات. تتخذ الجمعيات وذوي البر والإحسان، زمام المبادرة لإطلاق مشاريع خيرية في شهر الرحمة، حيث يسجل التكافل الاجتماعي والتضامن بين أفراد المجتمع، أبهى صوره والذي تعمل على تكريسه العديد من الجمعيات التي لم تدخر أي جهد، خلال هذا الشهر الفضيل، عبر نشاطاتها المختلفة للمساهمة في إفطار الصائمين من المحتاجين وعابري السبيل، من خلال تقديم وجبات ساخنة وأخرى باردة وكذا توزيع قفة رمضان والطرود الغذائية للعائلات والأسر المعوزة والفقيرة. كما تتنوّع مظاهر التكافل الاجتماعي في أوساط المجتمع، بين مساعدة الفقراء والمحتاجين وإفطار الصائمين وعابري السبيل وزيارة المرضى في المستشفيات والمرضى المقعدين في منازلهم، فضلا عن حملات التبرع بالدم ومبادرات خيرية أخرى فردية وجماعية. حيث على سبيل المثال لا الحصر، تجري عملية توزيع 1500 قفة رمضان إلى غاية نصفية شهر رمضان وبتنسيق جمعوي بين جمعية سنابل الخير وفتيان الخير بورقلة لفائدة العائلات من ذوي الدخل المحدود والفئات المعوزة عبر مختلف مناطق الولاية. كما تسعى جمعية سنابل الخير، من خلال مبادرتها لإفطار الصائمين بشكل يومي عبر مداخل الولاية إلى توفير من 150 إلى نحو 200 وجبة ساخنة كما توفّر الجمعية ومن خلال أعضائها المتطوعين كل ظروف الراحة لعابري السبيل حسبما ذكره ل»الشعب» رئيس الجمعية عبد الرحيم عوامر. ومن جهتها جمعية وافعلوا الخير ومنذ بداية شهر رمضان تقوم بعملية إفطار عابري السبيل بالطريق الوطني رقم 49 مدخل الولاية عبر الطريق المؤدي نحو غرداية وذلك بتقديم وجبات باردة لعابري الطريق وضيوف المدينة، حيث تقدّم كل يوم 35 وجبة باردة، على أن تمسّ العملية أكثر من 1000 شخص في نهاية الشهر وفي هذا الإطار، يدعو رئيس الجمعية مراد بن هجيرة أهل الخير والمحسنين إلى المساهمة في هذه النشاطات وخاصة ونحن في شهر الرحمة. هذا وتجدر الإشارة، إلى أن مصالح ولاية ورقلة، أطلقت من جانبها عشية رمضان أول قافلة تمّ من خلالها توزيع 1000 قفة، تتكوّن من مختلف المواد الغذائية الموجهة في فائدة العائلات المعوزة، عبر دوائر الولاية ورقلة وسيدي خويلد وأنقوسة والعملية حسب مديرية النشاط والتضامن الاجتماعي، مازالت متواصلة خلال هذا الشهر الفضيل. كما تعمل مصالح مديرية النشاط الاجتماعي على معاينة مطاعم الإفطار المرخصة بالولاية وهذا عبر عدد من مطاعم الرحمة ومحطات المسافرين وعبر مختلف الطرقات الرئيسية، حيث بلغ عدد المطاعم المعتمدة لتقديم وجبات الإفطار خلال شهر رمضان بالولاية، أزيد من 18 مطعما للإفطار تمّ فتحه بولاية ورقلة لفائدة عابري السبيل والمعوزين، حيث تحرص الجمعيات المشرفة على عملية الإفطار عبر هذه المطاعم على تقديم موائد إفطار رمضانية، يستفيد منها المعوزين وكذلك الأجانب المقيمين في الجزائر وعابري الطرقات. حركية تشهدها الأسواق تتضاعف معدلات الحركية اليومية للمواطنين في العديد من الأسواق المحلية وسط مدينة ورقلة وفي ضواحيها، حيث تزداد كمية السلع المعروضة في هذه الأيام كما تتنوّع بين المنتجات الغذائية والخضر والفواكه التي تحظى بإقبال كبير يوميا في الشهر الكريم وغيرها من المنتجات والمواد الغذائية الأخرى. الفضاءات التجارية هنا، تشهد إقبالا كبيرا عليها ورغم ذلك يسجّل المواطن المحلي هذا العام بكل أسف استياؤه لغلاء الأسعار في مختلف المنتجات وخاصة الخضر والفواكه، التي بلغت مستويات لم تشهدها السوق من قبل، ناهيك عن بعض السلع التي يعاني لاقتنائها في حال وجدت على غرار مادة الزيت، في وقت كان ينتظر فيه مراعاة ضعف القدرة الشرائية للمواطن وعجزها، أحيانا خاصة في شهر رمضان. حيث ارتفعت أسعار الخضر والفواكه في ورقلة، بشكل غير مسبوق هذه السنة وهو ما أثار استياء في أوساط المواطنين، الذين اعتبروا أن هذه الممارسات لا تمت بأي صلة وشهر الرحمة والتراحم بين الناس. من ناحية أخرى، سجّلت الأسواق في ورقلة هذه السنة إقبالا كبيرا على شراء كسوة العيد قبل بداية الشهر الفضيل وإلى غاية الأسبوع الأول من الشهر، حيث أضحت هذه الظاهرة، تشهد عاما بعد عام تزايدا في عدد العائلات التي تفضّل شراء ألبسة العيد للأطفال وأفراد العائلة، وأحيانا قبل الانطلاق في الشهر الكريم، حيث ترجع العديد من السيدات، أسباب ذلك إلى ضيق الوقت وانشغالهن بالأجواء الرمضانية من تحضير يومي للإفطار والزيارات العائلية وأداء الصلوات، ولتفادي التزاحم على الشراء في محلات بيع الألبسة، خلال أيام شهر رمضان التي تسجل فيها توافدا كبيرا من طرف الزبائن لاقتناء لباس العيد. وللتذكير، فإن مصالح مديرية التجارة لولاية ورقلة من جهتها، خصّصت أسواقا لشهر رمضان عبارة عن 3 أسواق بلدية، تتوزع عبر كل من ورقلة وحاسي مسعود وفي سيدي خويلد، أما عن المؤسسات التي تتكفّل بتموين المواطنين في شهر رمضان، تتوفر الولاية على متجر ضخم هايبر مارشي واحد ومتجر كبير سوبر مارشي 2، سوق الجملة التابع لبلدية ورقلة، 3 أسواق أسبوعية، 10 يومية، و34 سوبيرات، تجار الجملة للمواد الغذائية 12 وممثلي المصانع على مستوى وطني 6 والمطاحن 6 وملبنة واحدة، بالإضافة إلى الكميات التي تتمون بها الولاية من ولايات أخرى، حسب معلومات ذات المصالح.