اعتبر مصطفى صايج الخبير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر هجمات 11 سبتمبر 2001 منعرجا حاسما في العلاقات الدولية من خلال التبعات والانعكاسات التي ظهرت في مختلف المجالات،موضحا بان الغرب بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية نجح في تحويل أنظار الرأي العام عن الكثير من القضايا التي سنكتشفها في هذا الحوار وقال سايج أن التاريخ ، وتطور الأحداث قد أنصفت الجزائر في الكثير من وجهات النظر لوضع حد للمد الإرهابي والقضاء عليه من خلال إستراتيجية متكاملة تجمع بين المواجهة واعتماد سياسة تأخذ بعين الاعتبار القضاء على جذوره بمحاربة الفقر والتهميش والتطرف، لكن الكثير من العوامل تحول دون العمل على تجسيد مقترحات الجزائر وخاصة طغيان المصالح على سياسات الدول. ¯ '' الشعب'' تمر اليوم 11 سنة على هجمات 11 سبتمبر دون أن تكون هناك نتائج ملموسة لإستراتيجية الغرب للتقليص من المد الإرهابي فكيف تعلق على واقع الأمن الدولي؟ ¯¯ الدكتور مصطفي صايج: الحديث عن 11 سبتمبر يدفعنا للحديث عن نجاح الغرب في عولمة الإرهاب وإقناع الرأي العام الدولي بوجود تهديد حقيقي لأمنه واستقراره ، وجاء الترويج لهذه الفكرة بعد نجاح الولاياتالمتحدةالأمريكية في ضرب الشيوعية بتجنيد '' الجهاديين'' في أفغانستان ومختلف الدول العربية والإسلامية. وبعد الانتهاء من إسقاط الاتحاد السوفياتي عمل الغرب ومخابراته على استغلال سيناريو 11 سبتمبر لتوجيه خطر ''الجهاديين المتطرفين '' إلى تدمير الدول الوطنية وعليه فالخطر الإرهابي بقدر ما هو واقع ولكن البعد الذي أخذه يؤكد وجود عوامل وخلفيات غير بريئة تروج له بشكل أكثر مما يستحق. وبالمختصر تمكنت الولاياتالمتحدة من تحويل الحرب من العدو الأحمر الذي كان الاتحاد السوفياتي إلى العدو الأخضر والمتمثل في العالم الإسلامي والعربي وكل هذا وبطريقة غير مباشرة في خدمة الصهيونية. وحتى الحزب الجمهوري الذي يقوده المحافظون الجدد في عهد الرئيس السابق جورج والكر بوش باعتماده الحرب على الإرهاب منح لنفسه شرعية قيادة العالم والتدخل في المناطق الحيوية التي تريدها الولاياتالمتحدةالأمريكية والأخرى التي سبقاها دولا منافسة لها. كما كانت هجمات 11 سبتمبر تأثيرا على اهتمامات الرأي العام الذي يهتم بقضايا التحرر والدفاع عن الشعوب المستضعفة وحول أنظاره لمكافحة الإرهاب والتعاطف مع الغرب الذي بدأ يظهر وكأنه ضحية. وبرزت إلى السطح مكانة وزارة الأمن القومي للولايات المتحدةالأمريكية التي تتعامل خارج القوانين ولها حرية كبيرة في اتخاذ الإجراءات لمكافحة الإرهاب وكان من بين نتائجها معتقل ''غوانتانامو'' ومختلف العمليات التي لا مرجع لها . ¯ كانت الجزائر ضحية لإرهاب أعمى وتعامل الغرب مع تحذيراتها باستخفاف واستهتار قبل أن تغير مواقفها بعد 11 سبتمبر فكيف تفسر الرجوع لتجربة الجزائر لمحاربة الإرهاب بعد ان حاصرها الجميع في وقت سابق؟ ¯¯ لقد تعرضت الجزائر لعملية تدمير منظمة حيث تم تجنيد متطرفين من أفغانستان لتدمير الدولة الوطنية وتبين فيما بعد المؤامرة التي حيكت ضدنا من خلال استغلال التحول السياسي في الجزائر الذي تحول إلى صدام عنيف بدلا من بناء دولة مؤسسات وهو ما خلف تجربة مريرة انتهت بإجراء حوار ومصالحة وطنية للتخلص مما يسمى بالمأساة الوطنية. وكشفت الجزائر عن قدرات كبيرة في التصدي للإرهاب وكسر شوكته عسكريا وما زاد في تجربتها هو إقرار طرق أخرى اجتماعية واقتصادية لقطع الطريق أمام محاولات التوسع والانتشار للجماعات الدموية. وأصبحت المصالحة الوطنية مرجعا حقيقيا لحل ملف الإرهاب وباتت ليبيا تنادي به للتخفيف من تبعات الثورة التي كادت تؤدي بتقسيم ليبيا، كما فعلت جنوب إفريقيا نفس الأمر. ¯ تعرف الساحل ومالي على وجه الخصوص تطورات خطيرة يظهر وأنها تخفي الكثير من المؤامرات ضد استقرار المنطقة، وبما أن الجزائر تملك حدودا مع عديد دول المنطقة التي تعرف انتشارا مخيفا للجماعات المتطرفة.فماهي خلفيات القضية وماذا يمكن أن يحدث مستقبلا؟ ¯¯ الوضع في مالي والساحل عامة يخفي وراءه الكثير من الأمور والملفات المتداخلة فالمنطقة بغض النظر على الإرهاب هي منطقة حيوية في باطنها يورانيوم والكثير مما يثير اهتمام الشركات المتعددة الجنسيات التي تتصارع فيما بينها. فالولاياتالمتحدةالأمريكية دخلت في حرب غير معلنة مع فرنسا والصين بدورها تتوغل في صمت وهو ما أدى إلى تدهور الأوضاع وبروز عمليات تقسيم المنطقة من أجل المصالح في سياق التوجه الدولي الجديد الذي أخذ من الأقليات وسيلة لتمرير مخططات التوغل،وضمان نصيب من الثروات، حتى فرنسا منذ الخمسينيات عملت على زرع بذور الشقاق من خلال تشجيعها لقبائل معينة في جنوب الصحراء لإقامة دولة تضمن لها النفوذ وهو ما يفسر تعطل مفاوضات ايفيان وتأخر استقلال الجزائر لعامين . وللأسف يحدث هذا في ظل مجهودات الجزائر مع دول الجوار للحيلولة دون التدخل الأجنبي وفتح طرق الحوار والدبلوماسية، غير أن بعض الدول الإفريقية تعمل لصالح بعض الدول الغربية وتحاول فرض التدخل العسكري لأفغنة المنطقة. وللجزائر الكثير من المقترحات التي أثبتت قدرتها على محاصرة المد الإرهابي وخاصة تجريم منح الفدية كما كان لها السبق في الحديث عن التفريق بين المقاومة والدفاع الشرعي للشعوب والدول والإرهاب كفعل إجرامي لا دين له ولا لون له لكشف المؤامرات التي تحاول الصاق الإسلام بالإرهاب .