للتحرش الرقمي تداعيات وخيمة على المرأة والفتاة في عالم افتراضي تمثل حدوده الرقمية تطورا تكنولوجيا اختزل البعد «الزمكاني»، اصطدمت المرأة بعنف جديد تجسد في كل أنواع العنف الممارس ضدها ماعدا العنف الجسدي، حيث أبرزت الإحصائيات الأممية أن 85 بالمائة منهن في العالم تعرضن للعنف السيبراني، رقم مثير يعكس مدى خطورة الانغماس في عالم رقمي مازالت القوانين الدولية تتكيف تدريجيا مع تطوره السريع والمتواصل، وهو ما جعل الدرك والأمن الوطنيين يستحدثان فرقا خاصة لمكافحة هذا النوع المتطور للعنف. في العنف السيبراني، غالبا ما تكون الفيديوهات والصور سلاح المبتز ضد المرأة أو الفتاة بغية استغلالها والتحرش بها إلكترونيا في إطار شبكات متخصصة أثبتت التحقيقات الدولية أنها منخرطة في شبكات للاتجار بالبشر أو التجارة الممنوعة كالمخدرات والجنس والأعضاء، ما يضع المرأة أو الفتاة في خطر كبير، في المقابل يضع الجهات المختصة أمام تحد حقيقي للتحسيس والتوعية الاجتماعية لهذه الفئة الهشة من المجتمع، خاصة وان الجزائر وضعت ترسانة قانونية لحماية المرأة من العنف الممارس ضدها في مختلف أشكاله وأماكنه. ترسانة قانونية استحدثت الجزائر آليات لمحاربة مختلف أنواع العنف الممارس ضد المرأة ودعم حمايتهن، حيث كفل المشرع الحماية القانونية لها من جريمتي العنف والتمييز، فقد حرصت الجزائر على دسترة حقوق الإنسان وضمان المساواة بين المرأة والرجل في الحقوق والواجبات، فيما جرّم دستور 2020 كل أشكال العنف الممارسة ضد المرأة، إلى جانب افرد المشرع مواد قانونية ردعية في قانون العقوبات وقانون الوقاية من التمييز وخطاب الكراهية. في ذات السياق، نص على حماية الزوجة من الاعتداءات العمدية التي تلحق بها جروحا أو عاهة مستديمة أو بتر، ونصت المادة 266 مكرر على عقوبة الحبس للجاني ترتبط مدته بحجم الضرر الملحق بالزوجة، بالإضافة إلى المادة 266 مكرر 1 التي تجرم أي شكل من أشكال العنف. بالإضافة إلى المادة 33 التي تجرم أي مضايقة تتعرض لها المرأة في الشارع بالقول أو بالإشارة أو باللمس حيث تتراوح العقوبة من شهرين إلى 6 أشهر، وغرامة مالية تتراوح بين 20 ألف دينار إلى 100ألف دينار، تتضاعف العقوبة إذا كانت الضحية قاصرا، بينما اعتبر المختصون المادة 341 مكرر مكسبا كبيرا لحماية المرأة من التحرش في الفضاءات العمومية والخاصة. كما حرص المشرع الجزائري على حمايتها من العنف الاقتصادي حيث جرّم ممارسة الزوج أي شكل من أشكال الإكراه أو التخويف للتصرف في الممتلكات، إلى جانب استحداث قانون العقوبات مواد تشريعية لضحايا التمييز وخطاب الكراهية. ظاهرة تتنامى مع وجود ترسانة قانونية حاربت كل أشكال العنف الجسدي والمعنوي والاقتصادي الممارس ضد المرأة والفتاة في المجتمع الجزائري، وبالرغم من التطور الواعد في تعامل مختلف القطاعات المعنية (أمن وطني، الدرك الوطني، وزارة الصحة، وزارة العمل والضمان الاجتماعي، ووزارة التضامن والمرأة) مع أشكال العنف المتعددة، وجدت المرأة والفتاة نفسها أمام نوع جديد من العنف الممارس ضدها تمخض عن التطور التكنولوجي، ما يجعلهن يواجهن خطرا حقيقيا لن يكفي البقاء في المنزل وعدم الخروج إلى الشارع والأماكن العامة لإبعاد خطره على حياتهن، حيث يستخدم الجاني التكنولوجيا في مختلف صورها خاصة الوسائط الاجتماعية ومواقع التواصل الاجتماعي لمراقبة الضحايا والتحرش بهن وتهديدهن وانتحال هويتهن وملاحقتهن، لذلك كان من الضروري تحديث الأطر القانونية لتعزيز المنظومة التشريعية المتعلقة بحماية المرأة من العنف الرقمي بما يتماشى وخصوصية المجتمع الجزائري. وعرّف المركز الدولي للبحوث المتعلقة بالمرأة العنف السيبراني أو الافتراضي الرقمي، بأنه فعل يتم باستخدام الانترنت أو تكنولوجيا الجوال ويلحق بالشخص ضررا بسبب ميله الجنسي أو هويته الجنسانية، وغالبا ما تمتد آثار هذا النوع الجديد من العنف الى الواقع الحقيقي للمرأة حيث يتسبب في عواقب وخيمة في كثير من الأحيان، قد تصل الى الانتحار أو هروب الفتاة من البيت خوفا من فضح الجاني أمرها من خلال استغلاله لصورأو فيديوهات ضدها. وأثبتت دراسات عالمية ان 40 بالمائة حول العالم لا يشعرون بالأمان من العنف أو التحرش أثناء اتصالهم بالأنترنت، فيما أثبتت ان 85 بالمائة من نساء العالم تعرضن للعنف الرقمي عبر العالم سواء كان جنسيا، التسلط، خطاب الكراهية، التشهير، الصور أو الفيديوهات، حيث يكون له أثر حقيقي على حياتهن الواقعية يتراوح من الخوف على سلامتهن الى شعورهن بالقلق والاكتئاب، لذلك وجب سن القوانين والتشريعات اللازمة لمعاقبة مرتكبيه الذين يستفيدون في الغالب ظاهرة الإفلات من العقاب، وهو ما جعل المختصين يدقون ناقوس الخطر لمواجهة وباء عالميا اسمه العنف الرقمي ضد المرأة والفتاة. ففي عصر توسعت فيه البيئة الرقمية وتزايد استخدام مواقع التواصل الاجتماعي ومختلف التطبيقات الإلكترونية بين مختلف الفئات العمرية من كلا الجنسين، وجدت المرأة نفسها أمام عنف رقمي بكل أشكاله، فهنالك التعليقات السيئة والمحقرة والمهينة، بالإضافة لرسائل تحمل شتما أو تهديدا صريحا أو صورا خادشه للحياء، بل يمتد الأمر إلى اختراق حسابات شخصية وانتحال الهوية الإلكترونية للحصول على معلومات أو صور محرجة بغرض نشرها أو ابتزاز أصحابها من النساء أو الفتيات.