يمر المنتخب الوطني الجزائري لكرة القدم بفترة حرجة للغاية، حيث توالت الخيبات في ظرف قصير، بعد الإقصاء المبكر من الدور الأول لنهائيات كأس أمم أفريقيا بالكاميرون، وتضييع معها حلم الحفاظ على اللقب، وتحطيم الرقم القياسي العالمي في عدد المباريات دون هزيمة، بالإضافة إلى عدم المشاركة بنهائيات كأس العالم قطر 2022، ليضاف إليه استقالة رئيس الاتحادية شرف الدين عمارة من منصبه، بعد أقل من سنة منذ توليه مهمة رئاسة «الفاف»، وهو القرار الذي قد يعيد الاستقرار للمنتخب الوطني خصوصا أن العلاقة بينه وبين بلماضي وصلت إلى طريق مسدود منذ مدة، وهو ما قد يكون قد أثر على اللاعبين. يعيش الفريق الوطني أحد أصعب فتراته منذ تعيين الناخب الوطني جمال بلماضي، على رأس العارضة الفنية للمحاربين صيف 2018، فبعدما تمكن من إعادة «الخضر» إلى السكة الصحيحة، وقادهم للتتويج بكأس أمم أفريقيا بعد انتظار دام 29 عاما كاملا، تطور أداء رفقاء القائد رياض محرز كثيرا، وراحوا يلحقون الهزيمة تلوى الأخرى بمنافسيهم، بالغين 35 مواجهة دون هزيمة، قبل أن يعود المحاربون إلى نقطة البداية من تعادل وهزيمتين في الدور الأول لنهائيات «كان» الكاميرون، التي كانت عنوانا للخروج المبكر من المنافسة وتضييع حلم جلب النجمة الثالثة. أداء متواضع في «الكان» لمنتخب بلغ العالمية بأدائه، وهو أرجعه الناخب الوطني جمال بلماضي، لسوء التحضير بالعاصمة القطريةالدوحة، بسبب عدد المصابين بفيروس كورونا وتأخر التحاق اللاعبين بالتربص، بسبب قرار الاتحاد الدولي للعبة الذي سمح للأندية بالاحتفاظ بلاعبيها إلى غاية تاريخ 03 جانفي أي 8 أيام بعد الوقت الذي كان محددا في البداية. كما تعود الخيبة أيضا للاعتماد على نفس اللاعبين والخطة طيلة 3 سنوات متتالية، وهو ما جعل الجزائر كتابا مفتوحا للمنافسين، وساعد منتخبات مغمورة مثل السيراليون وغينيا الاستوائية وضع حد لتأهل المنتخب الوطني، ضف إلى ذلك فإن بلماضي قتل المنافسة بين لاعبيه، بعدما ثبت نفس العناصر في منصبها، خصوصا بعدما تيقن اللاعبون بأنهم سيخوضون كل اللقاءات مهما كانت جاهزيتهم وطريقة ظهورهم يوم المواجهة، الأمر الذي أدى إلى تراجع المستوى حتى قبل انطلاق «الكان». بلماضي الذي كان هدفه الأول خلال تعاقده مع الرئيس السابق خير الدين زطشي هو بلوغ المونديال، فشل في تحقيق ذلك بسبب الأخطاء التي وقع فيها، حيث تيقن أن الخروج المبكر من «الكان» أحد أكبر أسبابه كان عدم التحضير في مناخ مماثل للكاميرون، وهو ما اضطره للتربص بعاصمة غينيا الاستوائية مالابو لمدة 5 أيام، من أجل الدخول بقوة ضد الكاميرون في مواجهة الذهاب، الأمر الذي سمح لرفقاء الحارس رايس الوهاب مبولحي العودة بفوز مهم بهدف دون رد من توقيع السوبر سليماني. الناخب الوطني الذي لعب منذ وصوله على رأس العارضة الفنية للمنتخب بخطة هجومية، لعب للمواجهة الثانية على التوالي بملعب مصطفى تشاكر بالبليدة، بخطة دفاعية (5-4-1) وبالرغم من ذلك هدف السبق كان كاميرونيا، الأمر الذي جعل لاعبي المنتخب يبحثون عن هدف التعديل لضمان التأهل، لكن حين عدل البديل توبة الغائب عن نهائيات كأس أمم أفريقيا، عوض غلق المنافذ أكثر بعد إصابة سليماني وخروجه 4 دقائق قبل نهاية المواجهة، فضل بلماضي القيام بتغيير منصب بمنصب بإقحام بلفوضيل، عوض إضافة مدافع جديد في صورة طاهرات أو اللعب بمدافع متقدم بإقحام قديورة، وهو الخيار الذي انتقده الكثيرون بعدما كلف المنتخب الإقصاء في العشر ثواني الأخيرة. من جهة أخرى، فإن علاقة بلماضي مع لعمارة لم تكن على ما يرام منذ عدة أشهر، حيث انتقد في أحد ندواته الصحفية تدخل الرئيس فيما لا يعنيه، أين تعجب من حديثه على أرضية الميدان وقال بأنها ليست مؤثرة على اللاعبين، وتفاقم الوضع إلى حد القطيعة بين الرجلين، وظهر ذلك في الكاميرون حين رفض الناخب الوطني مصافحة لعمارة عند وصول المنتخب إلى دوالا من الدوحة، وكذلك حين رفض ركوبه مع اللاعبين في نفس الحافلة، بعد نهاية إحدى الحصص التدريبية متحججا بضرورة الحفاظ على تركيز اللاعبين. ولم يتوان نجم مارسيليا الأسبق في التلميح إلى أن نجاح أي منتخب، يكون بالاستقرار على مستوى الأطقم وكذا باحترافية الطاقم المسير الذي يقود أي منتخب نحو الأعلى، في تلميح منه أن الإقصاء من المونديال كان بسبب الرئيس المستقيل في إجابته منه على سؤال متعلق بمستقبله. عقد بلماضي ينتهي مع «الخضر» بعد نهاية مونديال قطر، ولحد الآن لم يقرر البقاء أو مغادرة العارضة الفنية، لكن بعد استقالة الرئيس لعمارة الذي لم يقبله بلماضي منذ البداية، قد يتمكن رئيس المرحلة الانتقالية محمد معوش من إقناعه بالتمديد، خصوصا في حالة تأكد الأخبار التي تقول بأن جهيد زفيزف، سيكون الرئيس الجديد للاتحاد الجزائري لكرة القدم، الأخير الذي أعجب بلماضي باحترافيته كثيرا في أول ندوة صحفية بعد تعيينه مكان أمين لعبدي، حيث أشاد بالعمل الكبير الذي قام به في ظرف وجيز، حين شرع في التحضير لتربص غينيا الاستوائية وضبط تفاصيل إقامة «الخضر» بالكاميرون. يذكر، أن محمد معوش نجم فريق جبهة التحرير سيسير المرحلة الانتقالية طيلة 60 يوما، مثلما تنص عليه اللوائح وستنتهي مهمته بعد تعيين الرئيس الجديد.