أكد الأستاذ بوداود عمير أن رواية «الرجل الذي يكتب على راحته» للكاتب الجزائري جيلالي خلاص تعد من بين أهم الأعمال الروائية الجزائرية التي تناولت العشرية السوداء، عكس الأعمال الأخرى التي قرأها، حيث بدت له هذه الأخيرة «صادقة وناجحة في معالجة تلك الحقبة المؤلمة؛ وبرع جيلالي في تناولها من خلال خط متوازن لعناصر السرد الحكائي، ومن خلال موقف محايد سرد الأحداث من خلالها، كما جرت وكما عاشها الروائي بنفسه، وليس كما تريدها أطراف متورطة من جهات مختلفة.» قال الكاتب بوداود عمير في منشور له على صفحته، بأن الأحداث التي رسمها جيلالي خلاص جرت كما هي دون بهارات، لأنّ هذا الأخير يملك رصيدا وافرا من الخبرة «في الكتابة السردية، في ضوء منجز يبلغ عشرات الأعمال الروائية والقصصية، أصدرها منذ سنوات السبعينيات، والتي ترجمت إلى مختلف لغات العالم». أشار الناقد عمير أن ثيمة الرواية الأساسية تتحدث عن العشرية السوداء، وقد عالجها جيلالي خلاص من زاوية بالغة الأهمية، مؤكدا في ذات الصدد بقوله: «لم نكد ننتبه لها أو لم نول لها الاهتمام الذي تستحقه «بما في ذلك «الصدمات التي بلغت حدّ الانهيارات العصبية، وسط العديد من الجزائريين، الذي عاشوا أهوال العنف خلال تلك الفترة». تستمد الرواية بحسب عمير أحداثها من وقائع حقيقية «عاشها شهود المرحلة في أوج غليانها، يعرفهم الروائي خلاص، سؤالهم بحث معهم، تحفظهم كان واضحا في البدء، الأمر يبدو طبيعيا، أمام ما يحيط العملية من توجس وخوف واكراهات لا تتيح مساحات واسعة للبوح، لكنهم سرعان ما ارتاحوا له وأفضوا بأسرارهم ومكنوناتهم، لم يكتف بتسليطه الضوء على معايشات الناجين من الانهيار». عاش الكاتب جيلالي خلاص أحداث الرواية من خلال معايشته ككاتب اشتهر بنشاطه الأدبي والإعلامي «وصار مستهدفا كجميع الكتّاب الجزائريين أو أغلبهم، خلال تلك المرحلة الدامية، التي يطلق عليها العشرية السوداء، ثم بعد ذلك استعان بمخياله الخصب، لترميم شروخ يقتضيها مسار السرد». عاد الناقد عمير من خلال قراءته للرواية، خاصة في مشهدها الأول الذي قال بشأنه أن صاحب العمل يأسره ببراعة قلمه، في سرد تفاصيل محاولة اغتيال «جمال لكحل» بطل الرواية، عندما تعرّض إلى إطلاق رصاص مفاجئ، أصابت رصاصة أذنه، ليسقط وقد ارتطم رأسه بكتلة حديدية، ستصيب الحادثة بطل الرواية بانهيار عصبي، سرعان ما يبدأ العلاج النفسي والعصبي، وسيتداعى البوح والاعتراف بسلسلة أحداث عاش تفاصيلها المثيرة، منذ العنوان أيضا «الرجل الذي يكتب عن راحته»، يقحمنا المؤلف في عالمه الخاص». أوضح عمير بأن أعمال خلاص «كرسته كواحد من أبرز الروائيين الجزائريين المعاصرين بما في ذلك أيضا شخصية هذا الكاتب الكبير، في تواضعه، في صفاء سريرته، وفي زهده من الحياة وابتعاده عن الأضواء سيكتشف تلك السمات النادرة اليوم» . للتذكير الروائي جيلالي خلاص، من مواليد 1952، صدرت له العديد من الأعمال الأدبية موجهة للكبار، كما كتب للأطفال، من بين أعماله «رائحة الكلب»، «زهور الأزمنة المتوحّشة»، «حمائم الشّفق»، ترجمت أعماله إلى لغات أجنبية عديدة، أما رواية «الرجل الذي يكتب على راحته» فقد صدرت عن دار القصبة للنشر سنة 2021.