عندما أزور السد الأخضر، تيمّنا بالتنوع النباتي الذي يحتويه، في أرض كانت قاحلة وزُرعت فيها الحياة، أشعر أنه في الإمكان النجاح في رفع التحدي، الذي تعمل الطبيعة على المحافظة عليه في محيطها الحيوي، ولو بعد حرائق مدمرة تأتي على الأخضر واليابس، كما حدث مرات في غابات البلاد. السد الأخضر المزروع في أراضٍ قاحلة أو شبه قاحلة، من شرق البلاد إلى غربها، قبل أكثر من خمسين سنة، أثبت أن هذه الأرض معطاءة وبحاجة إلى أصوات كثيرة مدافعة عنها، مثل صوت أحمد وحيد، الذي بحّ وهو يدافع عن الفلاح، والأرض لمن يزرعها، ولما غاب الصوت، جاء من يأخذ الأرض لغايات أخرى، فانكمشت المحيطات النباتية والمزروعات، لحساب أسمنت زاحف، وأشياء أخرى، لا تشجع على الأمل في زرع الإخضرار.. مع أن هذا الأمل موجود ودوائره الخضراء تكبُر وتنتشرُ في الصحراء، التي صارت تُطعمنا، ويفيض إنتاجها إلى تونس وليبيا وألمانيا، وغيرها، في مواسم بعينها، وما يزيد عن حاجة التصدير، لشُطّار مُقتنصي الفرص، يذهب إلى مخازنَ هدفها رفع سعر البيع، لا خدمة المستهلك، وتشجيع «لنستهلك جزائري».. كم من مشروع ناجح أو كان سينجح عبث به النُكوص الإداري، والسياسات القطاعية التي تُعدّل، دون حسبان الأثر، وحساب نقاط الضعف ونقاط القوة، وبالتالي تحويل الدفة دونما إعطاء فرصة لتصويب المشروع، وتحسين أدائه وتثبيت فعاليته، متى وصل مرحلة النضوج والإنتاج..؟ السؤال ليس بحاجة إلى إجابة نموذجية طالما انه سؤال في شكل ملاحظة تسجل مرحليا، مع تغيير الوجهة، التي تعني فيما تعنيه مراجعة سياسة ما في قطاع معين. السد الأخضر مشروع ناجح، ليس من باب طوله وكثافته الشجرية، بل من حيث التنوع البيئي الذي أوجده، والمناخات التي استقطبها من حوله وهي مناخات بيئية مساعدة على إنبات مزروعات لم تكن مؤهلة الظهور في المناطق التي يعبرها، وهو ناجح من حيث أنه جالبٌ لتنوع حيواني، لم يكن ليكون لولاه، وتشكيلات من الطيور «المقيمة» والمهاجرة، وحرف يدوية بدأت تستفيد منه، وفضاءات سياحية وترفيهية تنبُت حواليه.. فإذا نجح مشروع، ظن من يتحدثون عنه عن بُعد أنه فاشل، ودون رعاية كبيرة، عدا رعاية الأيادي التي زرعته أول مرة، ما الذي سيحصل مع مشروع مثيل، ترعاه أياد أمينة..؟