شهد الأسبوع الماضي حدث رئيس طغى على كل الأحداث بما فيها الأزمة المالية العالمية، والسباق نحو البيت الأبيض الأمريكي الذي وصل إلى أمتاره الأخيرة، ويتعلق هذا الحدث بالقصف الأمريكي لقرية أبو الكمال بمحافظة دير الزوت السورية، المتآخمة للحدود مع العراق، مسفرا عن سقوط (8) ضحايا من المدنيين الأبرياء من بينهم زوجة حارس المبنى المستهدف الذي كان في طور البناء. إن هذا القصف الذي يمثل عدوانا آثما، انطلق من الآراضي العراقية، هو نتاج الفلسفة الجيدة التي ينفذها المحافظون الجدد في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وهي فلسفة تفعيل الصراع بين الحضارات وبين الأديان وإشعال فتيل الفتنة بين الشعوب وإثارة القلاقل، في حين أن لبّ التناقض والصراع في العالم هو بين الإحتلال والمقاومة، بين الهيمنة وروح الإستقلال. فهذا العدوان لا يمكن إلا أن ننسبه لبيئته، أي البيئة الأمريكية، البيئة التي أرستها فلسفة الإقصاء والتعالي والهيمنة والإحتلال التي وصلت إلى دقة الحكم في واشنطن، في زمن أفلت فيه الثنائية القطبية. ومع الأسف الشديد، لقد وجدت هذه الفلسفة التي تقودها قوة الشرة في العالم أرضية ملائمة لبث أفكارها، وتجسيدها على أرض الواقع داخل المجتمعات التي تدور أعظمتها في فلك الولاياتالمتحدةالأمريكية. فهذه أحداث الحادي عشر من سبتمبر تبنت أفكارا عنصرية، وهوسا بالحروب لدى قوى الشر، ونعرات تغذي الأحقاد، نعرات تغذيها أياد خفية، تشجع منطق الحرب وترفض السلام كما ترفض التقارب. إن واشنطن التي تتعامل مع سوريا رغم أنها ضمن الدول (المارڤة) وفقا للتصنيف الأمريكي، لا ترى في النظام السوري إلا الجانب السلبي وفق نظرتها الضيقة جدا، جدا. وهذا الجانب السلبي هو ما تعتقده الإدارة الأمريكية بأن دمشق تدعم الجماعات الإرهابية، وفي مقدمتها الفصائل الفلسطينية وحزب اللّه في لبنان والإرهابيين في العراق. لكن المشكلة الرئيسية هي أن الولاياتالمتحدةالأمريكية لم تتمكن بل ترفض بالرغم من حسن نوايا النظام السوري من صياغة سياسية محكمة تجاه سوريا حتى الآن، وهو ما يؤكد وجود اختلافات داخلية في الإدارة الأمريكية. كما أن الولاياتالمتحدةالأمريكية لم تنسّق سياستها بشكل فعال إلى الأطراف الدولية الأخرى مثل الإتحاد الأوروبي وروسيا، خصوصا منذ انهيار المسار الإسرائيلي، السوري لعملية السلام عام ,2000 حيث عكفت على بحث سياسة فعالة تجاه سوريا. ومهما كانت نتائج العدوان الأمريكي على الشقيقة سوريا من وجهة نظر الإدارة الأمريكية، فإنه يشكل أحد النتائج الكارثية لسياسة الرئيس ''بوش''، فبقدر ما حاول من خلاله كسب التأييد للحزب الجمهوري ومعه المرشح ماكين، فإن سياسة الأكاذيب وقتل المدنيين الأبرياء لم تعد تنطلى على الشعب الأمريكي، وهو ما ستؤكده صناديق الإنتخاب، وإنّ غدا لناظره قريب. ------------------------------------------------------------------------