تذكير المجتمع الدولي بمسؤولياته التاريخية والقانونية أحيا الشعب الصحراوي بمخيمات اللاجئين الذكرى الخمسين لاندلاع الكفاح المسلح ضد الاحتلال المغربي. تأتي هذه الذكرى في ظل العودة إلى الحرب، والتي يسعى المغرب من خلالها الى فرض سياسة الأمر الواقع، وذر الرماد في عيون المجتمع الدولي فيما يتعلق بانتهاكاته الجسيمة لحقوق الإنسان في المدن المحتلة. في حين تسعى جبهة البوليساريو إلى الحرية والاستقلال على كامل تراب الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية. تخليد الذكرى الخمسين لاندلاع الكفاح المسلح في مخيمات اللاجئين الصحراويين، من خلال عرض مختلف تشكيلات وحدات جيش التحرير الشعبي الصحراوي، يحمل في طيّاته العديد من الدلالات والرسائل، تعددت في المضمون والهدف. عديدةٌ هي تلك الرسائل التي حملتها الاحتفالات المخلدة للذكرى الخمسين لاندلاع الكفاح المسلح ضد الاحتلال المغربي الغاشم، أُريد من ورائها تسليط الضوء على آخر مستعمرة في القارة الإفريقية، والتأكيد على أن جبهة البوليساريو هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي. كما جاءت الاحتفالات لتذكير المجتمع الدولي بمسؤولياته التاريخية والقانونية تجاه النزاع، وتجاه الشعب الصحراوي الذي يتعرض لأشد أنواع القمع والتنكيل في المدن المحتلة. افتتاح فعاليات خمسينية الكفاح المسلح بعرض عسكري قد يكون الأضخم في تاريخ جبهة البوليساريو، يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك، بأن الشعب الصحراوي لا يزال متمسكاً بحقه في الحرية والاستقلال، مسانداً وداعماً لنضال جبهة البوليساريو وجيشها التحرري. أكد أبراهيم غالي الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب رئيس الجمهورية الصحراوية، أن الشعب الصحراوي لا يمكنه نسيان "جميل الجزائر التي وقفت بكل شموخ من أجل نصرة الشعب الصحراوي المظلوم في أحلك الظروف، وهو يتعرض لمحاولة إبادة حقيقية بشتى وسائل الدمار"، وواصل القول: "إن الجزائر اليوم بقيادة أخي عبد المجيد تبون، تعزّز تشبّثها بموقفها المنسجم كامل الانسجام مع ميثاق وقرارات الأممالمتحدة والقانون التأسيسي للاتحاد الافريقي، وبشكل خاص مع مبادئ ومُثل ثورة الأول من نوفمبر المجيدة". أضاف إبراهيم غالي قائلاً، إن قرار الشعب الصحراوي استئناف العمل القتالي ضد قوات الاحتلال المغربي منذ 13 نوفمبر 2020، لم يأت من فراغ ولم يكن مفاجئاً، ويجب ألا يتوقع أحد من الشعب الصحراوي أن يبقى مكتوف الأيدي الى الأبد، إزاء محاولة محمومة ومكشوفة لمصادرة حقوقه المشروعة عبر القفز على الإطار القانوني للنزاع القائم على تصفية الاستعمار، وتقرير المصير وحق الاستقلال للشعوب والبلدان المستعمرة. أضاف الرئيس الصحراوي، أن هذا الوضع الجديد، يأتي في ظل إمعان دولة الاحتلال المغربي في انتهاج سياسة توسعية عدوانية لا تنفك تتعدد صورها وأشكالها، من الاعتداء على الجيران واحتلال أراضيهم بالقوة، الى دعم وتشجيع عصابات الجريمة المنظمة والجماعات الارهابية عبر التدفق المتزايد للمخدرات المغربية، وصولا الى فتح المجال لأجندات أجنبية ذات أهداف تخريبية تهدد السلم والأمن والاستقرار في كامل المنطقة. أشار الأمين العام لجبهة البوليساريو، إلى أن عودة المنطقة الى الحرب، جاء نتيجة تراكمات من تمادي دولة الاحتلال المغربي في ممارستها الاستعمارية الرامية الى تشريع احتلالها العسكري اللاشرعي لبلادنا، في ظل صمتٍ مريب، وتغاضٍ وتخاذلٍ وتآمر في بعض الأحيان من بعض أعضاء مجلس الأمن، رغم التحذيرات والتنبيهات التي قدمتها جبهة البوليساريو في عديد المناسبات. جدّد إبراهيم غالي على إرادة الجبهة الصادقة في تصفية الاستعمار من آخر مستعمرة في إفريقيا، داعياً في الوقت ذاته الأممالمتحدة وخاصة مجلس الأمن الدولي، الى الإسراع في فرض الضغوط اللازمة على دولة الاحتلال المغربي من أجل الامتثال لمقتضيات الشرعية الدولية، وتمكين المينورسو من تنفيذ مهمتها الأساسية وهي تنظيم استفتاء تقرير المصير للشعب الصحراوي، واتخاذ الإجراء العاجل والمناسب حيال الانتهاك المغربي الصارخ لاتفاق وقف إطلاق النار. خمسون عاماً من الكفاح دليلٌ قاطعٌ على حتمية الانتصار شدّد غالي على ضرورة تحرك الاتحاد الإفريقي لفرض تطبيق قانونه التأسيسي، خاصة ما تعلق بمبدإ احترام الحدود الموروثة عند نيل الاستقلال، بهدف إنهاء الاحتلال العسكري المغربي اللاشرعي لأجزاء من الجمهورية الصحراوية العضو المؤسس للمنظمة القارية، مجدداً التأكيد على أن جبهة البوليساريو ملتزمة بالتعاون والتشاور والحوار مع المؤسسات الأوربية، في سياقٍ يحترم سيادة الشعب الصحراوي على بلاده وثرواته. أعرب الرئيس الصحراوي عن إدانته "للموقف المخجل" لرئيس الحكومة الإسبانية الداعم للأطروحة الاستعمارية المغربية، مذكّراً بأن الدولة الإسبانية ستبقى مسؤولةً قانونياً وأخلاقيا وسياسياً، ولا يمكنها التنصل من هذه المسؤولية من جانب واحد حتى تتم تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية، من خلال تمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال. أوضح إبرهيم غالي، أن جبهة البوليساريو هي روح الشعب الصحراوي، والشعب الصحراوي هو جبهة البوليساريو التي تستمد وجودها وشرعيتها وقوتها واستمراريتها من الجماهير ضامنة حرب التحرير، مؤكداً على أن حق الشعب الصحراوي في الحرية والكرامة والاستقلال، غير قابل للإنكار ولا للتبخيس ولا للاستصغار،"فهو حقٌّ ملكٌ عام لكل المواطنين الصحراويين وهم لا يقبلون المساس به". قال الرئيس الصحراوي أن خمسين عاماً من التشبث الراسخ بخيار الكفاح والصمود لدليلٌ قاطعٌ على حتمية الانتصار والتتويج ببسط سيادة الدولة الصحراوية على كامل ترابها الوطني، مشيراً الى أن الشعب الصحراوي قد اتخذ قرار العودة الى الكفاح المسلح مكرهاً، ولكن في الوقت نفسه، هو مؤمنٌ بعدالة قضيته، متشبثٌ بحقوقه ومُصراً على انتزاعها بكل السُبل المشروعة وفي مقدمتها الكفاح المسلح، وهي ليست انطلاقة جديدة، ولكنها مرحلة مفصلية في تلك المسيرة الكفاحية، مرحلة من التأهب والتجنيد خاصة بما ينسجم مع شعار المؤتمر 16 للجبهة بتصعيد القتال لطرد الاحتلال واستكمال السيادة.