بمطلع فجر 5 جويلية تتنزّلُ علينا نسمة طاهرة، تستحضرنا بأعظم فتراتنا على الإطلاق، فعشيّتها تعاقب اللّيل والنّهار ليكتب الزّمان حينها في كلّ لحظة؛ أنّ الأمّة الجزائريّة لا تقبل بالخسارة أبدًا وتصرّ دائمًا على النجاح والازدهار. هذه المُناسبة ظلّت وستظلّ محلّ إعجاب جميع الأمم، والتّي تكمن في قدرة شباب الأمّة الجزائريّة باستجماع كلّ عناصره بكلّ قِواه بصوتٍ يحمل في طيّه «عزيمةُ النجاح»، فيَدهشُ كلّ مُستقرئٍ له بحقيقةٍ مُطلقة ولا تقبل الشّك أنّه «الشّباب المُظَفّر»، الذّي لقّن الأمم حينها العيش في واقعيّة واليقين بفكره الريادي... بالأمس. وشباب الأمّة الجزائريّة اليوم؛ يُدرك تلك الحقائق وبطولات سلفه المِقدام، وينظرُ إليها بكلّ إجْلالٍ ورَزانة، فقد نقّب وفحص عن سرّ هذا الفلاح؛ واكتشف أنّه بالعزيمة والاجتهاد يُحقّقُ كلّ مُبتغَى، وأدرك أنّه عليه العمل كخليّة النّحل بثقة لا تقبل الاهتزاز بكلّ مُؤسّساته التّي يبنيها، فهي الواقي من كلّ محاولةٍ لإحباط معنويّاته عن المُواصلة في التّألّق والتّشييد، فالتغلُّب عن كلّ خسارة والاجتياز نحو النجاح والازدهار. فيعيش شباب الأمّة الجزائريّة هذا المَحفل الوطنيّ اليوم، وهو يحمل بعدد أصابع يده الخمسة، عناصر تُرافق وتُدعّم كفاءة إنتاجه للقيم المُضافة المنشودة: •فأوّلها عنصر رأس المال أيّ ما يُتاح بين يديه اليوم من أجهزة دعم مالي تُغطّي مشاريعه التّي يتطلّع نحو تحقيقها، بالإضافة للإصلاح المتواصل للجهاز المصرفيّ لتحسين الخدمة ورفع مستوياتها؛ •عنصر القِوى العاملة والذّي يُكوّنه الشّباب ذاته، كرأسمال بشري يعي بكلّ المعاهد والفضاءات العلميّة المُسخّرة لتكوينه، ويعي بكلّ الهياكل المستحدثة لتمثيله في المجالس الاستشاريّة وعلى أعلى مستوى، ويعي أنّ الأولويّة تُمنح له؛ فيعمل بجهده اليدويّ والذّهنيّ للحصول على المُخرجات الهادفة؛ •عنصر الرأسمال الطّبيعي أو ما يُسمّى لدى الكلاسيك بالأرض، وهو الذّي يمدّه بكلّ موارد طّبيعيّة تدخل في مُدخلاته الإنتاجية، والذي ينظر إليه شباب اليوم بكلّ عينٍ حافظة واستعمالٍ عقلانيّ ورشيد، بشكلٍ لا يمسّ بالخصائص الطّبيعيّة لبيئته أي يُحافظ على استدامتها، وهذا بمرافقة كلّ المُؤسّسات المُستحدثة لهذا الصّدد؛ •ويُسخّر بيد شباب اليوم عنصر التّنظيم، أيّ كلّ النصوص القانونيّة التّي يضعها المشّرع الجزائري للتّوجيه الفعّال لبورصة الاستثمار نحو إفراز نُخبة من الشباب المقاول، يستثمر في سوق كُفئة تتساوى فيها الفُرص والمعلومة وتغمرها الشّفافيّة من أجل تنافس شريف، فيتجلى هذا المكسب الهام باستحداث نصوص الاستثمار، كتشريع جديد يُحسّن من مناخ الأعمال ويُعزّز روح المبادرة لغرض تنويع الاقتصاد الوطنيّ؛ •كما تستكمل قبضة يد شباب اليوم بخامس عنصر يتجسّد في التكنولوجيا، فتُنعقَد المجالس الرّسميّة من أجل تسخيرها، والمتمثّلة في تعزيز الرّقمنة من أجل مُجتمعٍ معرفيّ، أيّ تعزيز تكنولوجيا المعلومات والوسائل الاتّصاليّة المتطوّرة ببُنى تحتيّة قويّة، والتّي ستسمح بإنشاء روابط خلاّقة بين الشّباب المُقاول والأعمال الرّيادية الجديدة، وهو الأمر الذّي سيُفرز مجتمع المعرفة؛ أيّ مُجتمعٍ يفتح للفرد آفاقٍ ليتعلّم كيف يعرف؛ يتعلّم كيف يعمل؛ يتعلّم كيف يُحقّق ذاته. فهذه العناصر الخمس المُسخّرة بقبضة شبابٍ يُحيِ الذّكرى الواحد والسّتين لعيد الاستقلال، التّي تُلهمه دائمًا بالمُواصلة والإقدام على نهج الابتكار والتّألّق فالازدهار، فتراه يبني ويُشيّد ويُرابط لسلامة الأرض والوطن بقلب رجل واحد، يدركُ ويُلاحظ كلّ الظّواهر المُحيطة به ويفحصها ويُفسّرها، للاستشراف بأيّ نواتج اقتصادية أم اجتماعية أم بيئية مُستقبلاً، فيُدير كلّ المسائل بعقل راشد وتفكيرٍ عميق من موقعٍ شامخ. فذكرى 5 جويلية تتنزّل بوحيٍ آمن به شباب الأمس ويُقرّه شباب اليوم؛ كبديهةٌ لا شية فيها، تليق لكلّ مسرّة أم نكبة وهي: «لا نيأس أبدًا، لا نستسلمُ أبدًا» فالخيبة والفشل ثُقبٌ لكلّ خسارة، والاستبشار منبتٌ لكلّ ابتكار وتألّق فنجاح وازْدهار... فالله ناصر وصان الأمّة الجزائريّة منذ الأزل، وسيُناصرها ويصونها إلى الأبد.