الاعتراف الجزائري فتح الباب واسعا لاعترافات دولية كثيرة في ذكرى إعلان الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، لقيام دولة فلسطين من الجزائر عام 1988، نستعيد تلك اللحظة التاريخية الفارقة التي احتضنتها هذه الأرض المسقية بدماء الشهداء، الجزائر، بوصفها قاعدة خلفية متينة وداعماً ثابتاً للقضية الفلسطينية، تظل ملتزمة بموقفها الراسخ، إنْ على الصعيد السياسي أو المالي، مكرسة مقولة الرئيس الراحل هواري بومدين "نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة". في الذكرى الخامسة والثلاثين لإعلان قيام دولة فلسطين والتي تتزامن هذه السنة والعدوان الصهيوني على قطاع غزة، أكد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، مرة أخرى، على الموقف الثابت للجزائر من القضية الفلسطينية، ودعم الشعب الفلسطيني في نضاله من أجل تحقيق حريته ونيل حقوقه المشروعة، ورفض كل التهم الزائفة الموجهة لنضاله المشروع ضد الصهيونية والاستيطان. بل الأكثر من ذلك، قدم رئيس الجمهورية دعوة للمجتمع الدولي لأجل محاسبة الكيان الصهيوني على جرائمه في فلسطين أمام صمت غربي رهيب. محطات مهمة بمجرد استقلال الجزائر في عام 1962، أصبحت الدولة الجزائرية من أوائل الدول التي اعترفت بدولة فلسطين. وشاركت الجزائر في القمة العربية الأولى في القاهرة عام 1964، حيث تأسست منظمة التحرير الفلسطينية، وساهمت في دعمها وتعزيز مكانتها وكانت من أوائل الدول العربية التي اعترفت بها. وفي وقت لاحق من نفس السنة، تم فتح مكتب رسمي للمنظمة في الجزائر. وفي حرب أكتوبر 1973، دعمت الجزائر بشكل كبير مصر وسوريا وقدمت دعمًا ماليًا وعسكريًا للدول المشاركة في الحرب ضد الكيان الصهيوني، وهو ما ساهم في تحقيق العديد من الانتصارات العربية. وكان للجزائر دور بارز في دعم المقاومة الفلسطينية، وخاصة خلال فترة النضال ضد الاحتلال الصهيوني في بدايته. واستضافت الجزائر الكثير من المؤتمرات واللقاءات الفلسطينية، وكانت مركزًا للتنسيق بين الدول العربية المؤيدة للقضية الفلسطينية. ومن أهم المؤتمرات التي احتضنها الجزائر، إعلان قيام دولة فلسطين من الجزائر العاصمة سنة 1988، خلال اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر العاصمة. وكانت هذه الخطوة التاريخية تعبيراً عن إرادة الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، وحظيت بدعم وتأييد عربي وإسلامي ودولي واسع، وفتح الاعتراف الجزائري بدولة فلسطين حينها الباب واسعا للاعترافات الدولية بها. ما بعد اتفاق أوسلو، شهدت القضية الفلسطينية محاولات لقتلها سياسيا، وأعربت الجزائر عن دعمها خلال تلك الفترة لحل سلمي للقضية، ولكنها شددت على حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة وحقهم المشروع كذلك في مواصلة الكفاح المسلح. وشاركت الجزائر في الدورات العديدة للجامعة العربية والاجتماعات الإسلامية التي تناقش قضايا الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية. وفي العام الماضي، استضافت الجزائر العديد من اللقاءات بين الفصائل الفلسطينية، بهدف تحقيق المصالحة بينهم وإنهاء الانقسام الفلسطيني. ولعل أبرز هذه اللقاءات، هو اللقاء الذي جمع أكثر من 14 فصيلا فلسطينيا، بما في ذلك فتح وحماس والجهاد الإسلامي في الجزائر العاصمة في أكتوبر 2022، والذي أسفر عن توقيع "إعلان الجزائر" للمصالحة الفلسطينية. ويعد هذا الإعلان انتصارا سياسيا للقضية الفلسطينية، التي شهدت في العقد الأخير محاولة لطمسها والقفز عليها، لاسيما مع موجة التطبيع التي مست العديد من العواصم العربية. الدعم الجزائري مهم يقول الدكتور أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية مصطفى بوحاتم، في تصريح ل "الشعب"، إن دعم الجزائر التاريخي والمستمر للقضية الفلسطينية مهم على أكثر من صعيد، فالجزائر تعد صوتاً قوياً للقضية الفلسطينية في المحافل الدولية، لم ينقطع منذ العام 1962. كما يمثل الدعم الجزائري تعبيراً عن التضامن العربي والإسلامي مع الشعب الفلسطيني. علاوة على ذلك، ساهم الدعم الجزائري في تعزيز صمود الشعب الفلسطيني في وجه الاحتلال الصهيوني، لاسيما وأن الثورة الجزائرية تبقى ملهمة لكل الشعوب المستعمَرة في سعيها لنيل استقلالها، وما قدمه الشعب الجزائري من تضحيات في سبيل نيل حريته يبقى إلى اليوم يمثل منارة تنير درب الفلسطينيين نحو تحقيق نفس الهدف. ويضيف الدكتور بوحاتم، أن العلاقات الجزائريةالفلسطينية قديمة ومترسخة منذ زمن بعيد، ويعتبر دعم القضية الفلسطينية منذ وقت بعيد من الثوابت الجزائرية على المستويين الرسمي والشعبي. ويبقى الدعم الجزائري مستمرًا وقويًّا تجاه الشعب الفلسطيني، الذي يعاني حاليًا من أحدث موجة للعدوان الصهيوني على قطاع غزة. يأتي هذا الدعم في سياق تاريخي يمتد لعقود، حيث كانت الجزائر من الدول الرائدة في التصدي للاستعمار والظلم، وتحديداً في دعم قضايا الشعوب المظلومة.