ملتزمة بتحقيق السلام والأمن على المستويين الإقليمي والدولي تواصل الجزائر مساعيها على أكثر من صعيد، لبلورة «موقف جماعي فعّال» يوقف العدوان الصهيوني الجائر على قطاع غزة الذي دخل شهره الرابع، ويدفع آليات الأممالمتحدة لحماية الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، بعيدا عن ازدواجية المعايير في التعامل مع الشعوب المستعمَرة والمضطهدة. طالب رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، في القمة 19 لحركة عدم الانحياز، المنعقدة يومي 19 و20 جانفي 2024 بالعاصمة الأوغندية كمبالا، دول عدم الانحياز لتكثيف الجهود الجماعية والمرافعة لصالح القضية الفلسطينية من أجل إعلاء صوت الحق، والتأكيد بصوت عال أن زمن اللاعقاب واللاحساب قد ولّى، والعمل على تغليب منطق القانون وإرساء مبدإ المساواة، وتكريس أولوية الاحتكام للضوابط القانونية الملزمة فوق كل اعتبار، وفق ما تنص عليه الشرعية الدولية والقرارات الأممية التي يفترض أن تكون ملزمة للجميع، بما في ذلك آلة الدمار الصهيونية على أرض فلسطينالمحتلة. وتأتي دعوة الرئيس تبون، في ظل تفاقم الوضع المأساوي في قطاع غزة، نتيجة استمرار حرب الإبادة التي يقوم بها الكيان المحتل، تحت مرأى ومسمع العالم وعجز المنظومة الأممية، خاصة مجلس الأمن المسؤول عن حماية السلم والأمن العالميين، عن ردع المحتل الصهيوني على جرائمه وكف انتهاكاته بحق قواعد القانون الدولي، وفرض ضوابط هذا القانون على الجميع دون انتقاء أو تمييز، حيث لا يعبأ الكيان الصهيوني المحتل بقرارات المنظومة الأممية ويرفض الانصياع لها والاستجابة لخيار السلام، دون حساب أو عقاب. وأمام هذا الوضع، دعت الجزائر إلى تفعيل دور المجموعة المصغرة لحركة عدم الانحياز بمجلس الأمن وتفويضها باتخاذ مبادرات فعلية بهدف حمل مجلس الأمن على الاضطلاع بمسؤولياته الملقاة على عاتقه، من أجل وقف العدوان الصهيوني على قطاع غزة وفك الحصار المفروض عليه، ووضع حد للتهجير القسري للسكان الفلسطينيين، وإبطال مفعول كل القيود المفروضة على الإغاثة الإنسانية. ورأت الجزائر، أن المرحلة الراهنة تقتضي تقوية الموقف الجماعي وتدعيمه بتحرك دبلوماسي جدي، لوقف الاعتداءات الإجرامية والممارسات الغاشمة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. والمنتظر من دول حركة عدم الانحياز، بحكم ثقلها السياسي ومواقفها الثابتة والمشرفة، موقف قوي وحازم تجاه القضية الفلسطينية، مثلما أبرزه وزير الشؤون الخارجية أحمد عطاف في الاجتماع التحضيري لقمة حركة عدم الانحياز، والمساهمة في تعزيز الضغط الدبلوماسي لوضع حدّ لآلة القتل والدمار الصهيونية ومحاسبة المشرفين عليها، وتسريع قيام الدولة الفلسطينية كحل جذري ونهائي للصراع برمته، ووضع حد نهائي كذلك لعقود من اللامساءلة واللامحاسبة واللاعقاب، مكنت الاحتلال الاستيطاني من إلحاق أبشع الأضرار وأفظعها بشرعية المشروع الوطني الفلسطيني التاريخي. وتؤمن الجزائر بالعمل متعدد الأطراف وتعزيز العلاقات الدبلوماسية مع أعضاء مجلس الأمن والشركاء الإقليميين، لبناء توافق في الآراء من أجل الوصول إلى حل عادل وشامل يعترف بحقوق وسيادة وكرامة الفلسطينيين؛ لهذا تسعى في كل مناقشات مجلس الأمن وقراراته ومبادراته، وكل الاجتماعات الإقليمية والدولية، للنهوض بقضية الشعب الفلسطيني وإيجاد حلول مستدامة وعادلة لتحديات المرحلة، وهي اليوم تقف مدافعا دبلوماسيا قويا عن الحقوق والعدالة وتقرير مصير الشعوب المضطهدة، ومساهما موثوقا في بناء جهود السلام الدولية، مما يعزز تفانيها في تعزيز السلم والأمن الشاملين في العالم، وبالأخص في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وتلتزم الجزائر بتحقيق السلام والأمن في محيطها وعلى المستويين الإقليمي والدولي، باعتماد مقاربة قائمة على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وتعزيز التسوية السلمية للأزمات والنزاعات، وتبني مبادئ ميثاق الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي، ونشر ثقافة السلم والتضامن وترقية السلام والمصالحة، وهي مواقف أثبت التاريخ والتجارب كل مرة حكمتها. وتقود الجزائر، منذ أن استلمت عهدتها بمجلس الأمن كعضو غير دائم، بداية الشهر الجاري، عدة مبادرات لتنفيذ التزاماتها تجاه القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، وكان أول ما قامت به دعوتها إلى عقد اجتماع مفتوح لمناقشة خطر التهجير القسري للفلسطينيين في غزة، طالبت فيه مجلس الأمن برفض تهجير الفلسطينيين بصوت واحد وقوي، لأن ما يحدث في غزة وصمة عار في جبين الإنسانية، والتزام الصمت حيال ذلك ليس سوى تواطؤ.