بدأت أزمة المجاعة في مناطق شمال القطاع تأخذ منحى خطيراً في ظلّ انعدام الطعام والمواد الغذائية الأساسية، لا سيما الطحين. ويقول صحافيون من القلائل المتبقين هناك إن الناس بدأوا بطحن الذرة وأعلاف حيوانات في سبيل إعداد الخبز. ووفق شهادات من هناك، فإنه حتى المياه الملوثة التي كان يشربها السكان انقطعت. تتفاقم حالة الجوع بين أكثر من مليوني نازح في قطاع غزة مع دخول الشهر الرابع من حرب الإبادة الصهيونية على القطاع، وفق ما رصدت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، وسط تحذيرات أممية من أن مجاعة تلوح في الأفق. وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الأسبوع الماضي، إن شبح المجاعة يطارد سكان غزة، إلى جانب الأمراض وسوء التغذية وغيرها من التهديدات الصحية". ونقلت الصحيفة البريطانية عن مواطنة نازحة من شمال القطاع إلى رفح، قولها إنها بعدما كانت تلاحق أطفالها الصغار حول منزلهم لينهوا وجبة العشاء، أصبحوا في حاجة ماسة إلى الطعام، لكنها بالكاد تستطيع إطعامهم. وتضيف السيدة أنها أصبحت تتشارك خيمة مكتظة مع أقاربها وقالت: "نتظاهر أمام الأطفال بأننا لسنا جائعين، أو مشغولون للغاية، بحيث لا نستطيع تناول الطعام". الأسعار ترتفع وبحسب هذه النازحة، فإن أسعار المواد الغذائية والحطب المستخدم للطهي ارتفعت بشكل كبير، وقلّص الكبار تناولهم للطعام حتى يأكله الأطفال، وتقول: "لقد فقدنا جميعًا من أوزاننا".وأصبح سكان غزة يعتمدون بشكل شبه كامل على المساعدات الخارجية. وتضرّرت المزارع التجارية في القطاع الفلسطيني خلال الحرب، فيما يتمّ تسليم المساعدات، التي تشمل الدقيق والزيت والأرز والبقوليات والأغذية المعلبة، بشكل أساسي إلى مستودعات الأممالمتحدة لتوزيعها على النازحين، الذين يضطرون إلى الوقوف في طوابير، أحيانًا لساعات، للحصول على الطعام. الموت جوعًا وقالت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، سيندي ماكين الأسبوع الماضي إن الناس في غزة يواجهون خطر الموت من الجوع على بعد أميال قليلة من الشاحنات المملوءة بالأغذية، مضيفة أنه من الممكن منع حدوث مجاعة إذا أمكن توفير الإمدادات الكافية والوصول الآمن إلى جميع المحتاجين، حسبما نقلت عنها الصحيفة. وفي ديسمبر الماضي، اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الاحتلال الصهيوني باستخدام التجويع "كوسيلة للحرب" في غزة، وقالت إن سلطات الاحتلال تمنع عمدًا توصيل المياه والغذاء والوقود، في حين ينكر المسؤولون الصهاينة الاتهامات. أرفف خالية وبحسب رصد الصحيفة، فإن أرفف محلات البقالة في القطاع خالية من جميع السلع باستثناء القليل من السلع المعلّبة، وأصبحت الأطعمة الطازجة مثل البيض والحليب نادرة وأسعارها مرتفعة، ولا يوجد أي شخص تقريبًا لديه أي دخل، ما يجعل الأسعار أعلى من الإمكانات. وقالنائب مدير العمليات في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين للأمم (أونروا) بغزة، سكوت أندرسون إن مستويات الجوع "تزداد سوءًا تدريجيًا كلما اتجهنا شمالا". وقال مسؤولون في الأممالمتحدة إنه من الصعب الحصول على تصريح من الكيان الغاصب لتوصيل المساعدات إلى الشمال. متطوعون بلا حيلة وبحسب الصحيفة فإن ما يزيد قليلا عن 100 شاحنة مساعدات تدخل إلى غزة يوميًا في المتوسط، لكن ثمّة حاجة إلى 600 شاحنة. وفي رفح، حيث يكتظ 1.2 مليون نازح في الشقق المكتظة وفي مرافق الأممالمتحدة وكذلك الخيام، خرج متطوعون إلى الشوارع لطهي الطعام على نار الحطب وإطعام الناس. ونقلت الصحيفة عن أحد الطهاة، قوله إن مجموعته المكونة من 25 متطوعا استخدموا المكونات المتبرع بها لإعداد 10 آلاف وجبة يوميًا، ويضيف: "أشعر بالحزن عندما ينفد ما لدينا وما زال أطفال ينتظرون، لكن ليس لدينا شيء لهم".