إنشاء بنك وطني للبذور ضمانا لديمومة الإنتاج الزّراعي محصول استراتيجي وثروة تعزّز استقلالية قرارات البلاد وسيادتها الاقتصادية لم يتوان رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون منذ توليه سدّة الحكم في البلاد عن ادخار أي جهد في سبيل الفوز بمعركة الأمن الغذائي وعلى رأسها الحبوب، فسارع لجملة من التدابير والإصلاحات التي تدعم مسار الإنتاج الزراعي الاستراتيجي، فآمن الرئيس ومعه شعبه بمقوّمات الجزائر الفلاحية، وانطلقت "معركة الحبوب" التي تتجلى بشائر النصر فيها بمحصول استراتيجي، وثروة تعزّز استقلالية قرارات الدولة يوما بعد يوم. الإقتصاد العالمي الذي لم يكد يفق من تداعيات جائحة "كوفيد" حتى اصطدم بأزمات جيوسياسية عالمية أخلطت أوراقه، وعاد هاجس التضخم وارتفاع الأسعار ليحوم حول الأسواق الدولية، التي تأثّرت فيها أسعار الشحن ومعها أسعار السلع خاصة تلك القادمة من كبريات الدول المنتجة للغذاء. وعلى مدار السنوات الأخيرة، تلقّى الاقتصاد العالمي صدمات عديدة تباين فيها صمود الدول من دولة إلى أخرى، ووسط أوضاع جيوسياسة متوترة واقتصادية صعبة، استطاعت الجزائر بفضل إستراتيجيتها المدروسة والإصلاحات العميقة التي باشرها الرئيس تبون على كل المستويات أن ترسو بسفينة الأمن الغذائي إلى برّ الأمان. وسجّلت الجزائر أرقاما تاريخية في مجال الأمن الغذائي على الصعيد الإقليمي والدولي، فاحتلت المرتبة الأولى في مجال الأمن الغذائي على مستوى القارة الإفريقية، وعزّزت من قدراتها الإنتاجية في الميدان الفلاحي، فاستطاعت أن تضمن وفرة في السلع الغذائية وعلى رأسها الخضروات والحبوب حتى في عزّ الأزمة الصحيّة. حلقة هامّة جهود الحكومة الجزائرية وبتوجيهات من الرئيس تبون في معركة الأمن الغذائي، ارتكزت على عدة محاور من أهمّها الفلاحة التي تضم أصنافا وشُعبا عديدة، من بينها شعبة إنتاج الحبوب التي تعوّل عليها الحكومة في ترجيح الكفة في معركة الأمن الغذائي. استهلّ الرئيس تبون الذي آمن بقدرة شعبه على رفع التحدّي في إنتاج الحبوب، إصلاحاته في هذا الميدان بالنصوص القانونية والتدابير التنظيمية لتبسيط إجراءات الاستفادة من مزايا الاستثمار في مجال الزراعات الإستراتيجية، فتمّ إنشاء ديوان تطوير الزراعة الصناعية في الأراضي الصحراوية، وهو مؤسّسة عمومية تحت وصاية الوزير المكلف بالفلاحة، مزّود بشباك وحيد من أجل تسهيل جميع العمليات الإدارية، ولجنة الخبرة والتقييم التقني التي تتولى دراسة ملفات المرشحين ودعمهم. وبفضل الإستراتيجية المنتهجة في هذا المجال، سيستفيد الراغبون في الاستثمار الفلاحي في الولايات الجنوبية، لاسيما في الشعب الإستراتيجية، من رواق أخضر مخصّص لهم للحصول على العقار، رخص حفر الآبار وكذا الربط بالكهرباء على مستوى ديوان تنمية الزراعة الصناعية بالأراضي الصحراوية. جدّد رئيس الجمهورية عزمه على الارتقاء بإنتاج الحبوب إلى مستوى الاكتفاء الذاتي في أكثر مناسبة، وخلال لقاء الحكومة بالولاّة، حدّد الرئيس تبون المسؤوليات التي تقع على كل جهاز قائلا بأنّ "الولاة مسؤولياتهم كاملة عن منتوجات ولاياتهم في المجال الفلاحي، وليست مسؤولية مدير أو مدير فرعي". وذكّر الرئيس بالتعليمات التي أسداها إلى وزارة الفلاحة قصد اتخاذ إجراءات لتشجيع الفلاحين، لاسيما في مجال السقي التكميلي وتوفير الأسمدة ومختلف المدخلات الأخرى. متابعة الإنتاج وقدرات التّخزين لم تتوقّف جهود الحكومة وبتوجيهات من الرئيس عبد المجيد تبون عند الجانب التنظيمي وتحديد المهام للرقي بالإنتاج الزراعي، بل تعدّته لإجراءات ملموسة وتجسيد على أرض الواقع، فكلّف الرئيس الولاة بالقيام بحملات تفتيش ومعاينة يومية للمساحات المزروعة. كما قام الرئيس تبون بتحويل مشاريع صوامع تخزين الحبوب إلى ولاة الجمهورية من أجل المتابعة الميدانية لملف توسيع طاقات التخزين، الذي يندرج ضمن السياسة الجديدة للدولة ورؤيتها الاستشرافية لمسألة الأمن الغذائي. وللرفع من قدرات تخزين الحبوب إلى 9 مليون طن، أطلقت الحكومة برنامجا لإنجاز منشآت جديدة للتخزين موزعة على 44 ولاية، منها 350 مركز جواري و30 صومعة جديدة، كما تمّ إعادة بعث مشاروي انجاز 16 صومعة معدنية. حماية التّراث الجيني الفلاحي الوطني لضمان أمن غذائي وطني مستدام، قامت الحكومة بتوجيهات من الرئيس تبون بإنشاء بنك وطني للبذور، لضمان ديمومة نظامنا الفلاحي وأمننا الغذائي، حيث أن مهمته الرئيسية تتمثل في الحفاظ على الموروث الجيني الزراعي وتعزيزه وحمايته من القرصنة البيولوجية، كما أنه سيساهم في الحد من عواقب توحيد نمط الإنتاج الزراعي الذي تفرضه العولمة على الأنظمة الزراعية في العالم. وفي إطار الجهود التي ما فتأت تبذلها الحكومة للرفع من حجم الإنتاج في ميدان الحبوب توسيع المساحات المسقية، وبفضل حزمة من الإجراءات تم رفع المساحة الفلاحية المسقية الإجمالية إلى 1.49 مليون هكتار في عام 2023، في حين ارتفعت المساحة المسقية من الحبوب إلى 344 ألف هكتار منها 217 ألف بواسطة الري المتكامل. وللرقي بالإنتاج الفلاحي إلى مستويات تليق بحجم ومقدّرات الجزائر، أصدر الرئيس تبون تعليمات بالسماح باستيراد المعدات الفلاحية بكل أنواعها وقطع غيارها، سواء بالنسبة للخواص بشكل فردي، أو من قبل الشركات، واستيراد الجرارات الفلاحية الأقل من خمس سنوات، إلى غاية إحداث التوازن بين الإنتاج الوطني من الجرارات، وتلك المستوردة وهي الخطوة التي سمحت للعديد من الفلاحين من استيراد عتاد فلاحي منذ بداية عام 2023، وهو ما عزّز القدرات التقنية للفلاحين في خدمة أرضهم، والخروج بالفلاحة من الطابع التقليدي إلى أسلوب عصري وحديث يتماشى ومتطلبات الإنتاج في وقتنا الحالي.