يرى مدير متحف الباردو، زهير حريشان، أنّ ما أقرّته منظمة اليونسكو هذا العام بمناسبة إحياء اليوم العالمي للمتاحف المصادف ل18ماي، من شعار "متاحف من أجل التعليم والبحث العلمي"، جاء بهدف التأكيد على أهمية المؤسّسات الثقافية في توفير تجربة تعليمية شاملة، كما ثمّن مساعي الدولة في خلق استراتيجيات تهدف إلى استقطاب الزوار من أجل المشاركة في الأنشطة والمعارض، واكتشاف أسرار اللقى والقطع الأثرية المحفوظة بالمتاحف. ثمّن زهير حريشان في حديث مع "الشعب" أهمية تكامل الأدوار بين المتاحف والمؤسّسات التعليمية، من أجل بناء المعرفة، وتعزيز الفضول والإبداع والتفكير النقدي البناء، وأوضح بأنّ المتاحف، تؤدّي رسالة تربوية، تعليمة، ثقافية، سياحية، فنية، علمية، اجتماعية، أخلاقية ووطنية وقومية، كما تساعد في تطوير وتنمية السياحة، إضافة إلى وظيفتها في حفظ وصيانة وعرض نماذج من مخلّفات الحضارات القديمة. وذكر المتحدّث أنّ زوار المتحف الذين يتردّدون تقليديا، قبل الجائحة وبعدها، هم من مختلف الفئات العمرية، ومن أجل تمكين أكثر عدد من الزوار للتعرّف على المتحف، تم إنشاء موقع إلكتروني يستقبل أكثر من 7 آلاف زائر بصفة مستمرة، إلى جانب العدد الكبير للمتابعين والمتفاعلين مع صفحة المتحف الرسمية على "فايسبوك"، حيث يتم الترويج من خلالهما لثقافة المتحف عبر فيديوهات لمقتنيات المتحف والآثار التي يحويها. وأكّد المتحدّث أنّ المتحف لم يعد له ما يسمى بزوار نوعيين أو الفئة المثقّفة فقط، لأنّ كلّ زائر (تلميذ، باحث، مهتم بالقطع النادرة وغيرهم)، سيجد ما ينشد في المتحف، أومن خلال المعارض التي يتم تنظيمها في إطار استراتيجية استقطاب الزوار، من بينها - على سبيل المثال - الورشات الموجّهة للأطفال، حيث يشاركون من خلالها في اكتشاف قطع أثرية عبر عمليات الحفر التي يتم تهيئتها في فضاء الحديقة، من أجل إعطائهم نظرة حول ماهية العامل الأثري، وتعزيز روح المساهمة في حفظ التراث الثقافي فيهم، وصيانته من التلف. وأوضح حريشان أنّ متحف "الباردو" باختلاف رواده، أصبح مصدر إلهام فئة شبانية ناشئة تعمل في المجال الحرفي، من مصمّمي الأزياء على الأخص، اتخذوا من فضاء المتحف نافذة لترويج منتوجهم، حيث يقومون بالدمج ما بين الألبسة التي غالبا ما تكون ذات طابع تقليدي، وبين المتحف الذي يعتبر تحفة فنية معمارية تقليدية جميلة تعود إلى الفترة العثمانية.. يشدّ الزائر بداية من الحديقة الغنّاء، أو خلال تجوّله داخل أجنحته المؤثثة، مثل السقيفة والمقهى التقليدي والديوان الذي ينتهي بجناح مزخرف بأشكال وألوان بهية، تتوسّطها باحة مزيّنة بحوض من الرخام ومرافق علوية، ونافورة بمياه نفاثة تضفي على المنظر مزيدا من الراحة والهدوء. وفي أثناء حديثه عن المتحف الافتراضي الذي برز بقوّة في فترة الجائحة، أكّد حريشان أنّه لا يمكن أبدا أن يعوّض الزيارة التقليدية، وأوضح قائلا: "لا يستطيع الزائر عبر الفضاء الافتراضي أن يتعرّف على كلّ اللقى والقطع الأثرية التي يحتضنها المتحف، كما أنّ المتاحف الافتراضية ترتكز على إعطاء لمحة مختصرة عن المقتنيات المتواجدة في الفضاء الحقيقي لمخزون المتحف، فالمعارض التي تقام وتكون ذات محتوى مدروس، لا يمكن أن تعوّضها وأن تلم بها عشرات المعطيات افتراضيا". وأشار حريشان إلى علاقة المعرضين اللذين أقيما حول المجتمعات الإفريقية، بالمتحف الافريقي الكبير الذي سوف يقام بالجزائر، وأفاد أنّ متحف الباردو الذي شاءت الصدف أن يتم الإعلان من خلاله عن افتتاح المقر المؤقت للمتحف الإفريقي في فيلا بولكين، له مجموعة متحفية غنية عن المجتمعات الإفريقية، تستدعي زيارة المتحف لاكتشافها عن قرب، ناهيك عن المعروضات الجديدة لمعرض ما قبل التاريخ الذي جاء تحت اسم "سكان الجزائر الأوائل"، وقد تم التوصّل إليها من موقع "عين بوشريط" و«عين الحنش" من طرف بعثة جزائرية، تعكف حاليا على تحضير منشورات جدّ هامة حول موقع "تيغنيف" وحول المنتوج العلمي الجديد، الذي سوف يبرز للباحثين على المستوى الدولي".