بدأت مشواري التواصليّ مع أسرانا الأحرار في شهر جوان 2019 (مبادرة شخصيّة تطوعيّة، بعيداً عن أيّ أنجزة و/أو مؤسسّة)؛ ودوّنت على صفحتي انطباعاتي الأوليّة بعد كلّ زيارة؛ عقّبت أم خلف: "يحبيب قلب أمك يروح الدار الله يرضى عليك ويحنن عليك ويفك أسرك ويجمعنا فيك عن قريب اشتقنالك يروحي والله اشتقنا، يعطيك الصحة والعافية أستاذ جزاك الله كل خير". عقبت آلاء شاهين: "تسألش يا ماهر. وقت الصور الكل بده يتصور ويعمل من حاله قائد، ولكن خسئوا جميعا كلهم أقزام أمام عظمة الأسرى وغزّة والمقاومة. ألا لعنة الله على الظالمين. وأستاذ حسن لك مني أجمل التحايا ". وعقبت حياة الرجبي: "الله يعجل بالفرج لأسرانا وأسيراتنا وبارك في جهودك. فأنت مصدر النور لهم في عتمة السجن والسجان". وعقبت أم كمال جوري: "جرح وغصة في القلب. غالبا لا نخرجها لمرارتها ولأنها ستوجع من حولنا. فتبقى تجرح الروح. وهذا الجرح لا يتعافى إلا برؤية أحبابنا وحريتهم". الواحد بتعلّق بقشّة التقيته ظهر الأربعاء 28 فيفري 2024 في سجن "مجيدو"، أو تل المتسلم، في مرج ابن عامر، قابلني بنظرة حائرة، هو خلف محمد عبد الرحيم مخلوف من عصيرة القبليّة/ نابلس (مواليد 29.09.1990)، اعتقل يوم 21.10.2023، (هاي الحبسِة الأولى)، طلبت من السجّان فك الكلبشات قبل بدء اللقاء، وحين استفسرت عن سبب البغتة أجابني أنه للمرة الأولى منذ اعتقاله يزوره محام/ وفكّر أنّه "انتسى"، وفكّر أنّ التكلفة عالية كيف بسمع فطمأنته أنّي متطوّع فارتاح. بدأ بالنحيب حين شاهد صور حمود ويمنى، وهدأ من روعه حين أوصلته رسالة الأهل، وطمأنته عليهم وانقبض حين قرأت له "الأكلة اللي كنت تحبها ما انعملت من يوم ما أخذوك، ما النا نفس نعملها بدونك". حدّثني عن وضع السجن؛ غرفة 8 في قسم 8؛ زملاء الزنزانة: منتصر النورسي، عبد الله حويل، زيد غنام، علاء شرقاوي، مدحت أبو عمشة، عبد الحليم دغلس، علي معروف، حسين شتيتية، أحمد أبو طبخ وعمر، الوضع تصلّح قليلاً لكن ما زال سيئاً، الأكل تجويعي، بلوزة نص كُم وبنطلون فقط ما غسلهن من يوم الحبسِة، (آخر مرة غسلت الملابس الداخليّة قبل شهر)، بطانية واحدة بهالبرد. ورغم ذلك مقطوعين عن العالم والواحد بتعلّق بقشّة. طلبت منه إيصال رسائل اطمئنان من الأهل لباسل شحادة، أسامة بعيرات، كفاح ويزن زاغة، محمود جلامنة، مصطفي أبو ريالة، رأفت بشير وآخرين. رغم ذلك ودّعني بابتسامة "الصحة بخير رغم الديسكات، خلّي أمي تطبخ منسف للولاد وكأني موجود وزيادة". وين الصليب الأحمر؟ بعد لقائي بخلف، التقيت بالأسير ماهر عبد اللطيف حسن أخرس من سيلة الظهر/ جنين (مواليد 02.08.1971)، (هاي الحبسِة السادسة)، أصررت على فكّ كلبشاته لنبدأ اللقاء، وباغتني سائلاً: "أنت من الصليب؟ من الهيئة؟ من نادي الأسير؟" فأجبته أنّ الزيارة تطوّعيّة بناءً على توجّه زوجته، وارتاح حين لمح صور حفيداته (يقين وإيلياء وتغريد) بيد غريب يلتقيه لأوّل مرّة. انبسط لسماع أخبار العائلة والمزرعة (مزرعة أبقار، الأكبر في الضفّة الغربيّة) بعد طول غياب. حدّثني عن وضع السجن؛ غرفة 1 في قسم 5؛ زملاء الزنزانة: مأمون بني عودة، عبد الرحمن الحين، محمود تركمان، عبد الرحمن تركمان، عبد الباسط، إبراهيم حرب، مهدي حيفاوي، محمد تركمان، أحمد عساف، سيف. هاي الحبسِة تختلف عمّا سبقها، السجون تغيّرت بعد الحرب، المعاملة صعبة كثير، أخذوا الساعات ورزنامة رمضان والأقلام والورق، فش قهوة/ شاي/ سكّر، قنينة شامبو واحدة أسبوعيا لخمسة عشر أسيراً، بنغسل وممنوع نعلّق برّا، وممنوع نعلّق جوّا مع خيط، الضرب مرّات دون سبب، مسبّات، تركيع وقت العدد مع إيدين ع الراس. طلبت منه إيصال رسائل اطمئنان من الأهل لأسرى مجيدو. فجأة يتساءل: "وين الصليب الأحمر؟ وين منظمات حقوق الإنسان؟ لمّا روّحت المرة الماضية بعد 104 أيام إضراب عن الطعام الكلّ بدّو يتصوّر معي، سفراء ووزراء وحتى محادثة هاتفية مع بوتين واليوم ما بنشوف حدا، وين الهيئة ونادي الأسير؟ ضغطوا عليّ ووقّفت الإضراب عن الطعام بعد 24 يوم وفجأة تبخّروا!". رسالة لا بد منها للأهالي؛ لا ضرب في الطلعة ولا بالرجعة لزيارة المحامي! لكما عزيزيّ خلف وماهر أحلى التحيّات، على أمل أن نلتقي قريبًا في فضاء الحرية.