يرى مختصون في الشأن الفلاحي، أن استغلال الصحراء والهضاب العليا أصبح اليوم ضرورة ملحة لربح الوقت، وتطوير الوسائل التقنية، وتطبيق التجارب العلمية الحديثة لرفع المردود، وكذا احترام المسار التقني للمحصول، وإدخال تقنيات للتحكم في الظروف المناخية الصعبة. ثمّن الكثير منهم الإصلاحات الأخيرة، والمخطط الوطني للتنمية الفلاحية، الذي شهدت النعامة بفضله قفزة نوعية بالرغم من تحدّيات التغيرات المناخية، ونقص المكننة، واليد العاملة، فقد أدى توسيع المساحات المسقية إلى تغطية الأسواق المحلية في الزراعات الموسمية كالبطاطا والبصل، خاصة بعد مرافقة الدولة في التكوين وإشراك المعاهد والجامعات في البحث الزراعي. أما الموّالون فيرون أن الاستثمار الفلاحي يجب أن يكون في الزراعات العلفية وزراعة الحبوب كأولوية لإنقاذ هذه الثروة الحيوانية، خاصّة سلالة "الدغمة" التي تعدّ أهم مصدر اقتصادي للولاية وهي مهددة اليوم بالإنقراض، ويحتاج الأمر إلى استغلال أكبر للمياه في الصحراء والحدود، ووضع صندوق خاص للمربين، وتطوير وسائل التربية، خاصّة وأن الكثير منهم لا يزال يمارس هذا النشاط بوسائل وطرق بدائية، والتي تعتبر عائق أمام تطوير هذه الشعبة، وتسهيل الاستيراد للخواص لفترة معينة في مجال الأعلاف، الأدوية ووسائل عصرية لمواكبة التقدّم مع إقحام مراكز البحث لتطوير نشاط البدو الرحل. وبحسب الموالين تعد سلالة "الدغمة" من أجود السلالات الحيوانية التي تمتاز بها ولاية النعامة، وهي سلالة نادرة من الأغنام، تصنّف ضمن أفضل سلالات الغنم في العالم وموطنها الأصلي الجزائر، خاصّة النعامة، البيض وجنوب تلمسان وتحصي الجزائر بحسب معطيات مصالح الولاية أزيد من 1500 رأس من هذه السلالة، 800 رأس بولاية النعامة فقط، يسهر على تربيتها ورعايتها حوالي 30 موالاً. وسلالة "الدغمة" من المواشي غير المكلفة في تربيتها، إذ تكتفي بالمرعى فقط، عكس الأنواع الأخرى من الأغنام التي تتطلب كميات كبيرة من الأعلاف، وهي سلالة تتحمل التقلبات المناخية، وذات بنية قوّية بسبب التمثيل الغذائي الجيّد لديها، والذي يحوّل الألياف إلى لحوم، تعدّ من أجود أنواع اللّحوم الحمراء حيث تتميز بمذاق خاص، بالنظر لطبيعة الأعشاب التي تقتات منها كالحلفاء، السنغ، الرمث، المثنان، الشيح، العرعار ... وغيرها من أنواع النباتات المتواجدة بالمنطقة، إذ تحوّل نسبة 56 % من الطاقة العلفية إلى إنتاج اللّحوم، لذا تعتبر اقتصادية في تربيتها، حتى أنها اعتبرت صديقة الموّال من حيث تكلفة تربيتها، حيث يقدر متوسط احتياجاتها العلفية ما بين 500 غ الى 700 غ، ومن جهة أخرى هي صديقة للبيئة، حيث أثبتت الدراسات أنها عامل مهم في محاربة التصحّر، تصل نسبة الخصوبة عند هذه الفصيلة إلى 95 %. وعرفت السلالة الحمراء، أو الدغمة في السنوات الأخيرة تراجعا كبيرا بمنطقة الجنوب الغربي، خاصّة ولاية النعامة مسقط رأسها، حتى أنها أصبحت مهدّدة بالانقراض، والأسباب بحسب أهل الإختصاص يرجع لعدّة عوامل أهمها تدخل الإنسان، وعوامل طبيعية كالجفاف، ومن جهة أخرى أدّت هجرة موّالي المناطق الوسطى والشرقية إلى المنطقة إلى غزو السلالة البيضاء أو البرقية خاصة سلالة أولاد جلال، وهو ما دفع ببعض موّالي المنطقة للتعلق بها خاصّة من حيث وزنها وإهمال السلالة المحلية "الدغمة". وتتوفر ولاية النعامة على مركز جهوي للتلقيح الاصطناعي، وتحسين السلالات، والمتواجد بمنطقة بلحنجير بالعين الصفراء، يسعى لوضع برنامج لتحسين تكاثر سلالة الاغنام المحلية "الدغمة" والحفاظ على خصائصها الوراثية، حيث تقرر انشاء مشتلة خاصة ل " الفحول من سلالة الدغمة الحمراء "، وهدفها تكثيف البحث التطبيقي وبعث بنك الجينات لتكاثر هذا الصنف ذو الجودة العالية من الأغنام، وهو الآن يتوفر على 160 رأس منتقاة منها 11 فحلا محسنا، مدرج في برنامج لتحسين هذه السلالة ورفع كفاءتها الإنتاجية، وهو يطمح إلى وضع برنامج لتمويل بنك البذور الوطني بنطاف هذه السلالة من أجل تكثيرها وزيادة انتشارها.