تتواصل فعاليات الطبعة ال46 لمعرض الجزائر الدولي في ظل إقبال كبير من المتعاملين الاقتصاديين والجمهور العريض الذي وجد في الحدث متنفسا اقتصاديا واجتماعيا من جهة الاطلاع على ما يتوفر من إمكانيات لدى المؤسسات والشركاء ومن جهة أخرى محاولة إشباع رغبة الاطلاع على ما تحقق في بلدان عديدة. ومن خلال مشاركة 945 مؤسسة اقتصادية جزائرية وأجنبية يوفر المعرض مشهدا واسعا لواقع ومستقبل الاستثمار في الجزائر حيث تقدم السوق فرصا كبيرة في أكثر من قطاع خاصة خارج المحروقات. وبالنظر لحجم وأهمية المناسبة ينتظر أن يضاعف المتعاملون الوطنيون من القطاعين العام والخاص والمؤسسات المختلطة من جهود استكشاف وجذب شركاء يتميزون بالجدية والقدرة على توفير القيمة المضافة لانجاز مشاريع تندرج في الإطار الاقتصادي المنتج خاصة في الصناعات الميكانيكية والغذائية والتحويلية. وضمن هذا التوجه ينبغي منافسة المتعاملين الوافدين بإقناعهم أن السوق الجزائرية تتجه للانتقال من مجرد مستهلك لواردات جاهزة قادمة من الخارج إلى مستهلك لمنتجات مصنعة بالجزائر وأرضية صحيحة للتصدير نحو الخارج. ويقع على عاتق المؤسسة الاقتصادية الجزائرية الدور الأكبر في بناء هذه المعادلة وفقا لمسار إقامة اقتصاد بديل للمحروقات. لقد أصبح هذا الخيار الاستراتيجي أكثر من حيوي للمنظومة الاقتصادية للجزائر وليس غير المؤسسة من هو جدير برفع التحدي. وبالرغم من الطابع الجماهيري لفعاليات المعرض الدولي الذي يستقبل دولة الكاميرون ضيف شرف، إلا أن تنظيم حركة الجمهور والمتعاملين الاحترافيين على فترات يمكن من رصد حركية اتصالات حثيثة عبر أجنحة المشاركين حيث يدافع كل طرف عن حظوظه. وبلا شك الطرف الجزائري الذي يجب أن يحرص على إدراج كافة مساعيه في سياق الديناميكية الجديدة للاقتصاد بما يضمن استثمارات توفر فرص الشغل قادر على جذب شركاء من الخارج يجدون في السوق الجزائرية مساحة للنمو وذلك على أساس قاعدة تقاسم الربح والأعباء وفي المنظور الزمني البعيد أو المتوسط على الأقل. ولعل هذه هي الرسالة التي بعث بها الوزير الأول لدى افتتاحه الطبعة ال46 لمعرض الجزائر الدولي مؤكدا على أن الانفتاح على الخارج يرتكز على أولوية المؤسسة المنتجة التي تصب في خيار إحداث مناصب العمل وإنشاء الثروة وذلك من منطلق الانتقال في هذا الظرف إلى إعادة ترتيب الساحة بفرز الصفوف الأمر الذي ينهي اختلاط المفاهيم وتداخل المهام بحيث تسترجع المؤسسة الاقتصادية مهامها في مواجهة السوق. وفي هذا الإطار يكون الظرف مواتيا للمؤسسات الجزائرية والمتعاملين والمستثمرين لاقتناص الفرص المتاحة بالتزام سلوك يرتكز على المبادرة وطرح مشاريع ممكنة وفي المتناول من خلال إرساء اتصالات وحوار مع نظرائهم الأجانب من مركز أكثر قوة وثقة بالنفس بالاستناد إلى الأوراق القوية التي تتوفر من سوق جذابة واستقرار على كافة الأصعدة إلى جانب العناصر الأخرى التي تدخل في تقدير المناخ الاقتصادي العام. ولا ينبغي أن تنتهي يوميات المعرض دون أن يحسن الجزائريون توظيفها لصالح المنظومة الاقتصادية بالمفهوم الصحيح وليس الاكتفاء بنتائج يقنع بها تاجر الدكان أي لا يمكن اعتبار الفوز باعتماد تمثيل شركة أجنبية فوزا اقتصاديا لا يمثل شيئا بالمفهوم العميق للعملية الاقتصادية، مقابل اعتماد شريك مستثمر، وكم هو مفيد أن يتم تقييم حصيلة الطبعة التي من المقرر أن تختتم بعد غد الاثنين، ومن ثمة إعادة قراءة قوة وجاذبية المؤسسة الجزائرية التي توجد في مفترق الطرق أمام تحولات الاقتصاد العالمي وتغير عناصر المعادلة.