قام متحف المجاهدين بقالمة ببرمجة جلسة لاسترجاع الذاكرة من أجل المحافظة على التاريخ وربط الجيل الجديد بماضيه المجيد لتبليغه للناشئة بعيدا عن كل الشوائب، جلسة جمعت أعضاء من الأسرة الثورية من مجاهدين، أرامل وأبناء الشهداء وعناصر من الأمن الولائي لنقل صورة وأحاسيس فرحة الاستقلال كما عاشوها، كما تم تنظيم أبواب مفتوحة للأطفال لتشجيعهم على الاطلاع على تاريخهم. وفي هذا الصدد تقول مديرة متحف المجاهدين بقالمة سمية بوعقبة أن هذه التظاهرة جاءت تحت شعار «ذكرى وذاكرة»، في ذكرى الأحداث الوطنية بدأت تتلاشى من ذاكرة الأجيال المتصاعدة وتنطفئ كما ينطفئ وهج الشعلة في مهب الرياح لهذا سعى متحف المجاهد بقالمة لبرمجة أنشطة من شأنها إعادة الوهج للشعلة، خدمة للثقافة التاريخية ولتحقيق تجذر الهوية الوطنية في أذهان الأجيال الناشئة حيث تم تنظيم على مدار 6 أيام بهذه المناسبة عدة نشاطات منها مسابقات فنية للرسم موجهة للأطفال وكللت بتكريم 3 فائزين، بالإضافة إلى مسابقة أخرى فكرية تاريخية موجهة للأطفال بالتنسيق مع إذاعة قالمة، كما تم إطلاق مبادرة هدية لكل طفل زائر للمتحف من 1 جويلية إلى غاية 6 جويلية 2013 رغبة في نشر ثقافة متحفية وتقريب الطفل من الواقع الذي عاشه المجاهدون من خلال معروضات المتحف، لأن هذه الذكريات تدغدغ عواطف الناس وتبعث فيهم الاعتزاز بذكرى مجيدة وغالية. وتضيف قائلة «ولأننا على يقين خير حصانة للأجيال هو احتماء بتاريخنا الوطني واستكمالا للأدوات العلمية والتكوينية تمت برمجة محاضرة لطلبة مدرسة الشرطة بسدراتة يوم 3 جويلية بالإضافة إلى لقاءات شعرية ثورية بمشاركة الشاعر زينب سعيد وفي الشعر الشعبي الحر السيد دراجي الذي أثرى الجلسة بمقطوعات شعرية رائعة تمجد بطولة وعظمة الثورة الجزائرية. أيام لها تاريخ وما ميز الجلسة التي جمعت الأسرة الثورية تقديم شهادات عديدة، صورة الأحداث التي عايشوها والتي تم نقلها لهم من طرف أبائهم بالصور ووثائق وشهادات، تعرف جميع الحضور على صورة اول شهيدة بالجزائر المدعوة شايب دزاير. وأبرز ما أثار مشاعر الجميع لقاء بين صديقتين عاشتا بالسجن، كانتا آنذاك طفلتين صغيرتين بعمر 15 سنة اجتمعا بمتحف المجاهدين بقالمة بعد 51 سنة من الحرية، عناق حار بين المجاهدتين جعلت دموع الجميع لا تتوقف، وفي هذا الصدد تقول السيدة بوزيت عقيلة تم اعتقالنا بسجن عنابة، وأفرج علينا يوم إعلان استقلال الجزائر في 1962، وتضيف متحدثة عن أختها المناضلة والشهيدة مليكة بوزيت التي أبت أن تنظم لصفوف المجاهدين وهي بعمر 14 سنة تحدثت عنها بكل اعتزاز، كما ظهر عليها ارتباطها بالماضي كلما ذكرت اسم أختها مليكة التي استشهدت يوم 14 أكتوبر 1960 بعدما أصيبت برصاصة في الكتف والرأس وعن صديقتها المجاهدة الطاوس التي تقطن بحمام دباغ، بعدما جمعهما القدر بمتحف المجاهد بقالمة يوم 2 جويلية 2013 بعد 51 سنة من الحرية من سجون العدو تقول بأن المجاهدة الطاوس كانت أحسن رفيقة بالسجن وذكرت بان الطاووس كانت تغطيها لكي لا تشعر بالبرد كما شجعتها على الصمود. شهادات لمجاهدين عاشوا الحدث قدم لنا رابح طربوش ابن الشهيد بلقاسم شهادته عن مجريات الأحداث التي عاشها إبان تواجد الاستعمار يقول «لو أظل يوم كامل فلن أكمل»، وهو من مواليد 1942 بلدية مجاز الصفاء، رجع بذاكرته إلى سنوات الخمسينات بالتحديد في عام 1956 أين حدثنا عن انضمامه للكشافة الإسلامية، ويقول بذلك: قبل الانضمام لصفوف المجاهدين أعطونا مهمة بتوفير لهم كل ما يلزمهم من المستلزمات الخاصة حيث كنا نقوم بتسليمهم ما يحتاجونه بالجبال من أكل وألبسة، وقد قبض على أخوه حميديو وهو باتجاه بوملاس كان بصدد تسليم وثائق للمجاهدين، أين تم تسليمه للقوات الموجودة بمجاز الصفاء بقيادة كولونال ميشيال، تم تعذيبه وقدمت بعض من أعضاء جسمه (أذنيه وذراعه) للكلب أمام عمي طربوش محمد لترهيبهم وتخويفهم من أي عمل يكون ضد المستعمر. كما قال قرقوز مجيد المدعو عبد ابن الشهيد قرقوز عمار من مواليد 1942: «التحقت بصفوف المجاهدين سنة 1957 رغم صغر سني بعمر 16 سنة، وقبل أن ألتحق بصفوف الثوار كنا نمول مراكز المجاهدين ببوملاس قرب مشتة بترين تابعة لمشتة جبل بني صالح، وبالحدود التونسية تمركزنا هناك بالفيلق 56 بقيادة عمار شمام وقمنا بعمليات هجومية على مراكز العدو ليلا ونهارا وعدة معارك دارت بمركز العيون بالحدود التونسية سنة 1959. كما حدثنا المجاهد عبد الله جهال المدعو الشريف عن انضمامه لصفوف المجاهدين نظرا للعملية التي قام بها بقتل الدركي الفرنسي المدعو بلا كازناف سنة 1956 في بوشوقوف، واطلعنا من خلال مايحمله بحقيبته على عدة وثائق وصور تخصه برفقة المجاهدين، فكانت صورة من جبال بني صلح خلال سنة 1959 من اليمين الى اليسار جميلي عمار قائد الكتيبة الأولى الفيلق 56 جاهل عبد الله المدعو الشريف بولحية قائد الفصيلة ونائب قائد الكتيبة، عرفاوي جعفر كاتب الفصيلة الأولى، وحدثنا أيضا عن تواجده بالمنطقة الحدودية التونسية والعمليات التي قام بها الثوار من هجومات على مراكز العدو ليلا، وذكر لنا أيضا قصة استشهاد البطل نوادرية علي في 15 أكتوبر 1959 اثر عملية تمشيط اشتبك نصف فوج من جيش التحرير مع جيش العدو بشعبة العربي بالدغامنة القسم الأول ناحية هوارة بقيادة نوادرية علي المدعو «موسطاش» مسؤول المجلس الشعبي لدوار طلحة. سبب عملية التمشيط هذه ترجع إلى وشاية من طرف نايلي لخضر الذي كان ضمن صفوف جيش التحرير ثم سلم نفسه إلى جيش العدو وقد كانت هذه المعركة من أشرس المعارك التي خاضها المجاهد نوادرية علي حيث كان عدد العدو يفوق 20 ألف جندي بقيادة الجنرال شارل وقد دامت حوالي ساعتين، أسفرت عن استشهاد البطلين نوادرية علي وعبد السلام والقي القبض على كل من صالح الويزة ولخميسي روابحية، وقد قتل نوادرية علي خلال هذا الاشتباك 15 جنديا فرنسيا قبل أن يسقط شهيد في سبيل الله والوطن. ويضيف المجاهد عبد الله جهال متحدثا عن معركة ترلي التي وقعت في شهر أفريل 1956 بمنطقة جبال بني صالح المعروف بترلي مشتي بوقفة مقابل الشيحاني حاليا، حيث كان الجيش متمركز في تلك المنطقة والمتمثلة في قوات محمد الشريف عصفور وقوات الزين المعروف بالنموشي الذي كان متمركزا جيشه في ناحية ممونة، وقد قام جيش العدو في اليوم الأول بتمشيط وتفتيش عام في منطقتي ممونة وترلي، حيث تمركزوا في ممونة، أعد جيش التحرير نفسه للمعركة وتمركز بالمواقع الحساسة المحاذية للغابات ولما وصل جيش العدو إلى مواقع جيش التحرير اندلعت المعركة بين الطرفين وفي اليوم الثاني من المعركة أطلق جيش التحرير الوطني الرصاص على تشكيلة من عساكر العدو حيث بلغت الخسائر في جيش العدو حوالي 90 عسكريا وهذا باعتراف من أحد الفرنسيين أنفسهم، وفي نهاية 1955 نصب الكمين لبعض الأوروبيين الذين يقومون بجمع الخشب والفلين وينتقلون مع شاحنات المدينة إلى داخل االمنطقة الجبلية محاولة منهم معرفة أماكن المجاهدين الموجودين بالمنطقة، وقد وقعت شاحنة أحد المعمرين وأحرقت وقتل المعمر وأخذ سلاحه وبعد أيام سقط معمر ثاني في الكمين قرب الغراف فذ وقتل وأخذ سلاحه.