يظهر أن الأزمة المالية العالمية التي ظهرت مؤخرا عبارة عن سيناريو أمريكي شديد الذكاء سيمهد لمرحلة جديدة في العلاقات الدولية لزيادة بسط السيطرة الأمريكية ولكن من خلال خطة اقتصادية جديدة سيقودها الرئيس الجديد أوباما بعيدا عن الحروب والصراعات العسكرية التي قادها الرئيس الأمريكي جورج بوش في أفغانستان والعراق. ونجح الأمريكان منذ شهرين في توجيه الرأي العام العالمي وتهيئته للمرحلة الجديدة من العلاقات الدولية من خلال حصر النقاش والتحاليل على الأزمة المالية العالمية مع تجاهل تام للقضية الفلسطينية وحصار غزة وكذا مواصلة عمليات التقتيل في العراق والفوضى في الصومال وأفغانستان، مع صب النار على فتيل الأزمة بين الهند وباكستان وهي كل المعطيات التي تزامنت مع الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي لم يطرح فيها الجانب الأمني والحرب على الإرهاب، ما يؤكد التوجه الجديد للوافد الجديد على البيت الأبيض والذي سيعتمد على خطة اقتصادية بعيدة عن الحروب، وهو ما قد يكون استراحة محارب واستثمار عائدات الحروب التي فاقت التكاليف بآلاف الملايير من الدولارات عكس ما كان ينقل في وسائل الإعلام. ومما لاشك فيه سيعلن الرئيس الأمريكي أوباما عن خطة اقتصادية محكمة لإعادة بعث الاقتصاد الأمريكي بعد النجاح في تقوية المخزونات الأمريكية من المحروقات، بعد استغلال بترول العراق الذي نهبت منه الولاياتالمتحدةالأمريكية منذ 2005 وستستمر الى 2011 ما يكفي للتحكم في السوق النفطية وإخضاع جميع الهيئات المالية والاقتصادية ومواقع القرار في العالم، وقد تكون الأزمة المالية العالمية استراحة محارب للولايات المتحدةالأمريكية بعد سنوات الحرب، حيث سيترك المجال للخبراء الاقتصاديين والساسة لاستثمار غنائم الحرب وإنعاش اقتصاد أمريكا بعد سنوات الركود، فالأوضاع الاقتصادية العالمية مواتية لتدارك تأخر الاقتصاد الأمريكي وترجيح الكفة من منطقة الأورو وما يعزز هذه الفرضيات هو تحسن قيمة الدولار أمام الأورو وانخفاض أسعار النفط الى أقل من 33 دولارا وكذا خفض البنك المركزي الأمريكي لفوائد القروض كإجراء لإنعاش الاقتصاد ويذكر أن البنوك الأمريكية لم تخفض الفوائد على القروض منذ أكثر من 50 سنة وهو ما يوحي بإستراتيجية أمريكية اقتصادية جديدة ستضع حدا نهائيا لسياسة بوش العسكرية والتي استندت على محاربة الإرهاب وكسر شوكة الدول التي تراها الولاياتالمتحدةالأمريكية مارقة. ويبقى التعاطي مع الأزمة المالية العالمية وردود الفعل الباهتة من مختلف الدول العملاقة اقتصاديا مثيرا للكثير من الشكوك وتدل المحاولات الفاشلة من عديد الدول خاصة الأوروبية - لاحتواء الأزمة على شيء ما يحاك ضد إفريقيا وآسيا والدول العربية وأمريكا الجنوبية، والتاريخ يؤكد ذلك، ففي منتصف الثمانينيات تمكن الغرب من إحداث هزات عنيفة في الدول العربية بعد النكبة البترولية، وتكرر نفس الأمر في نهاية التسعينيات مع الدول الآسيوية وبطبيعة الحال، فهذه النكسات الاقتصادية لا تأت من فراغ بل تثبت بأن العولمة قد توغلت بقوة وفإفلاس بنك بأمريكا آثاره تنتقل الى اليابان مرورا بأوروبا حتى ولو لم تكن لها أي دخل... وبالمختصر المفيد أمريكا تريد تمويلا شاملا لأخطائها من جميع دول العالم...؟؟ ------------------------------------------------------------------------