على ارتفاع 1600 متر عن مستوى سطح البحر، تتواجد البحيرة السوداء أو الغدير الأسود بأعالي جبال أكفادو، إذ تعتبر من أجمل المناطق الرطبة التي تزخر بها ولاية بجاية، حيث تحيط بها غابة كثيفة تغطيها أشجار البلوط والصنوبر العملاقة من كل مكان بشكل رائع ومتناغم، وفي فصل الشتاء يزداد المكان سحرا نتيجة للثلوج المتراكمة التي تغطي كامل المنطقة خلال فصل الشتاء، وهو ما يضفي لها منظرا رائعا، وقد كانت هذه البحيرة الواقعة داخل غابة أكفادو الشاسعة التي تتقاسمها ولايتي بجاية وتيزي وزو، الوجهة المفضلة لعشاق الطبيعة الخضراء في السنوات الخوالي، قبل أن يتضاءل عدد زائريها خلال العشرية السوداء. والطريق إلى هذه البحيرة السوداء تعتبر شاقة ووعرة لمن يزور المنطقة لأول مرة، حيث عليه أن يسلك طريقا بين تضاريس غابية انطلاقا من غابات أدكار، تستغرق بضع ساعات من الزمن أين يمكن للزائر رؤية مساحة شاسعة من المياه وسط غابة كثيفة من أشجار البلوط، والاستماع إلى مختلف أصوات الكائنات الحية التي تعيش في البرية، كما تعتبر المنطقة موطنا للعديد من الحيوانات والطيور والنباتات النادرة، على غرار الأيل البربري النادر المحمي بموجب القانون، حيث منعت السلطات الجزائرية اصطياده حفاظا على سلالته، كما تعتبر المنطقة الموطن الأصلي للسناجب، الخنازير البرية، وأنواع عديدة ونادرة من الطيور والأشجار والنباتات. كما تعد غابة أكفادو الكثيفة رئة الولاية، كونها تتوفر على مساحات خضراء أغلبها أشجار ذات الاخضرار الدائم طوال العام، كما أن هذه الطبيعة الخلابة تتخللها شلالات مياه عذبة وكهوف كانت الملاذ الأمن للمجاهدين إبان الثورة المجيدة. وهذه البحيرة التي تغطي مساحة 10 هكتار من غابة أكفادو، كانت تعتبر من أكثر الأماكن التي تجذب الزوار من مختلف مناطق الوطن، قبل أن تتدهور الظروف الأمنية خلال فترة التسعينات، إلا أنها تبقى مجهولة للكثيرين، وللتعريف بها يطالب المسؤولون المحليون بتصنيفها ضمن المناطق الوطنية الرطبة والمحمية بالجزائر، نظرا لما تزخر به من ثروات حيوانية ونباتية نادرة، كما تطالب السلطات الولائية وزارة الفلاحة بتحويل هذه الغابة الشاسعة إلى حظيرة وطنية، بهدف حمايتها من النهب والاستغلال العشوائي، ومن أجل ردّ الاعتبار لها كونها تعتبر الغابة الأكبر على المستوى الوطني، بالإضافة إلى تاريخها الحافل إبان الثورة التحريرية.