صدر عن دار النعمان للطباعة والنشر عدة كتب تاريخية منها كتاب بعنوان «الثورة الجزائرية ثورة أول نوفمبر 1954، معالمها الأساسية في طبعته الثانية المنقحة لمؤلفه الدكتور بوعلام بن حمودة، الذي اعتبر تأليفه لهذا الكتاب بالمهمة الصعبة، كونه رأى من الواجب الرجوع إلى الأسباب البعيدة والعميقة التي ساهمت بالقدر الكبير في اندلاع ثورة التحرير اعتمادا على وقائع ثابتة وشهادات صادرة عن فاعلين جزائريين وفرنسيين ومؤلفين نزهاء. وأضاف بوعلام بن حمودة في مقدمة مؤلفه، أنه من الواجب تذكير الأجيال الحاضرة والقادمة ببطولات الشعب الجزائري وتضحياته الجسام لانتزاع استقلاله من أيادي الاستعمار الفرنسي الغاشم، الذي ارتكب من سنة 1830 إلى سنة 1962، جرائم ستبقى نقطة سوداء في تاريخ الإنسانية لا يسأل عنها الشعب الفرنسي بل بعض قادته الذين آمنوا بالأفكار الاستعمارية، وطبقوها بالحرب والقمع والتمييز العنصري، زاعمين بأنهم يقومون بعملية «تحضير» لشعب آخر باسم الدولة الفرنسية، على حدّ تعبيره. وأوضح المؤلف في هذا الشأن، أنه كان من الضروري أن يبرز الوجه الحقيقي للثورة الجزائرية ودوافعها وأفكارها وأهدافها، وبتنظيمها ونشاطاتها السياسية والعسكرية والدبلوماسية وبالصعوبات التي جابهتها، وكذا بالمجهودات التي بذلتها لبلوغ كل الأهداف المسطرة، قائلا: «فنظرا للمشاركة الشعبية المنقطعة النظير وإلى جسامة التضحيات، وإلى عظمة البطولات وكثرتها، فإن الثورة التحريرية الوطنية الجزائرية ستترك بصمات عميقة ودائمة في الحياة السياسية والاجتماعية للجزائر المستقلة». وقال أيضا، إنه كان من واجبه تأليف هذا الكتاب نظرا لمشاركته في إضراب الطلبة الجزائريين في 19 ماي 1956، حيث كان آنذاك طالبا في السنة الثانية بكلية الحقوق بجامعة بالجزائر، بالإضافة إلى مساهمته في صفوف جيش التحرير الوطني ابتداءا من أوت 1956، كمحافظ سياسي، ومعانته بعد إلقاء القبض عليه، وهو مصاب بجروح خطيرة وكذا بقائه مسجونا لغاية 30 أفريل 1962. وحسب ما أفاد به الكاتب في مقدمة إصداره، فإنه كان من واجبه الكتابة عن الثورة المجيدة بعد ما اكتسبه من معلومات لدى معاينته لما جرى، واتصالاته بحكم مسؤولياته بعدد كبير من الجنود والضبّاط والمسؤولين الذين شاركوا في الثورة التحريرية وأدلوا بشهادتهم بالتفصيل حول ما جرى، مضيفا بأنه شعر بدين معنوي اتجاه الشهيد الباسل العقيد أحمد بوقارة الذي رجا منه في جانفي 1957، كتابة شيء عن الثورة التحريرية، وهو لا يعلم من يبقى على قيد الحياة عند استقلال الجزائر، على حدّ قوله. وأضاف بن حمودة أنه حين كتب هذا المؤلف، ساهم في إظهار الوجه الحقيقي لثورة أول نوفمبر 1954، للجيل الحاضر والأجيال القادمة من خلال التعريف بأسبابها البعيدة والقريبة وبمنطلقاتها الفكرية، وبتنظيمها وبنشاطها والصعوبات التي لاقتها. وقال أيضا إن الشعب الجزائري قدم تضحيات جسام للإطاحة بنظام استعماري، وحشي ارتكب جرائم شنيعة ضد الإنسان والحيوان والجماد من 1830 إلى 1962. ودعا إلى تسجيل هذه الجرائم كنقطة سوداء، لا تمحي في تاريخ الإنسانية جمعاء لتجعل حدا لادعاءات بعض القادة الفرنسيين الذين ما يزالون يعتبرون الاحتلال الاستعماري كعملية «إدخال الحضارة» قامت بها فرنسا. ونبّه في هذا الإطار إلى أن، إدانة الاستعمار الفرنسي والقادة السياسيين الذين دافعوا عنه ولا يقصد الشعب الفرنسي، الذي لم يكن في مجمله مسؤولا عما جرى، مشيرا إلى أن تأليف الكتاب لم يكن سهلا لأنه كان عليه العودة إلى الأسباب العميقة، التي أدت إلى اندلاع الثورة والعودة إلى المؤلفات الهامة والشهادات الصحيحة الصادقة، وقد وجب عليه الرجوع إلى كتب عديدة صادرة عن أشخاص عايشوا الأحداث كمسؤولين أو باحثين أو مؤلفين مستقلين. ولكن بالرغم من الصعوبات الكبيرة التي اعترضته، أضاف يقول، إلا أنه استفاد من صدور عدة كتب في الموضوع، خاصة في السنوات الأخيرة، كما انتفع باستعداد المنظمة الوطنية للمجاهدين ووزارة المجاهدين والمركز الوطني للدراسات، والبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر 1954، والمكتبة الوطنية والمركز الوطني للأرشيف الوطني، وذلك عندما كان في حاجة إلى الاستفسار عن موضوع من الموضوعات، مؤكدا أن دراسته تركزت على الوقائع والأعمال والمواقف لا على الأشخاص فالمعطيات التي قدّمها تسمح للقارئ باستخراج حكمه الخاص في الموضوعات المختلفة.